م.ع.ع. 28845-9/25، ييش دين وآخرون ضد لجنة الوزراء لشؤون الأمن القومي (المجلس الوزاريّ السياسيّ – الأمنيّ المُصغّر) وآخرين
موعد تقديم الالتما: 11/09/2025
يهدف إجراء تسوية الأراضي إلى تسوية الحقوق في الأراضي وتسجيلها باسم مالكيها القانونيين في سجّل الأراضي بشكل نهائي وقاطع ومُلزم (“طابو”). ويدور الحديث عن صيرورة شاملة يُعاين في إطارها التسلسل التاريخي للحقوق، كما يجري تحقيق في شأن الملكية وحقوق استخدام قطعة الأرض وتُرسم حدود الأراضي بواسطة قياس وتقيم لأحواض وقسائم. بعد إتمام مسار التسجيل لا يمكن بالعموم إجراء تعديلات عليه.
شهد عهد الانتداب البريطاني زخمًا كبيرًا في مسارات تسوية الأراضي في فلسطين التاريخية، إذ قامت السلطات الانتدابية بتحديد أساليب علمية لترسيم الخرائط وتسجيل الأراضي. بعد عام 1948 واصلت المملكة الأردنية الهاشمية باجراءات تسوية الأراضي في الضفة الغربية. وعليه، بحلول حزيران/ يونيو 1967 تمت تسوية نحو 34% من أراضي الضفة الغربية، وبشكل خاص في محافظات الشمال (جنين ونابلس)، وفي منطقة رام الله وغور الأردن. بينما في القدس ومحيطها تمت تسوية جزئية فقط، في حين أنه في بيت لحم والخليل لم تُتمم مسارات تسوية الأراضي بالمرة تقريبًا.
مُباشرة فور احتلال إسرائيل للضفة الغربية عام 1967، أعلن القائد العسكري الاسرائيلي عن تجميد مسارات تسوية الأراضي. تم تضمين هذا القرار بأمر رسمي بتوجيه النائب العسكري العام في حينه، مئير شمجار. يحمل هذا القرار بتجميد مسارات تسوية الأراضي في صُلبه التزامات اسرائيل كقوة مُحتلة بموجب القانون الدوليّ، والذي يعتبر الاحتلال حالة مؤقتة. فتجديد مسارات هي اجراء يتخذه صاحب السيادة الثابتة والدائمة بشكل واضح، إذ أنها تخلق وتُحدد حقوقًا مُطلقة ذات صبغة دائمة. وعليه، فإن الحُكم القائم على الاحتلال، بتعريفه كمؤقت، لا يستطيع اتخاذ هذه التدابير المُعرّفة للسيادة الثابتة والدائمة.
قرر المجلس الوزاريّ السياسيّ- الأمنيّ المُصغّر في أيار/ مايو 2025 استئناف مسارات تسوية الأراضي في أنحاء الضفة الغربية. يُهيء قرار المجلس الوزاريّ مسارات تسوية الأراضي للاستخدام كأدات لتحقيق طموحات سياسية – أيديولوجية مُعلنة لفرض السيادة على الضفة الغربية وسلب ونهب والتضييق على الفلسطينيين في هذا الحيّز. ورغم أن تجديد العمل بهذه المسارات يُشكّل انتهاكًا صارخًا لالتزامات اسرائيل بموجب القانون الدوليّ، صرّح الوزراء الأعضاء بالمجلس الوزاريّ المُصغّر (الكابينت) أن الهدف الأساسي من هذا الاجراء هو تعزيز المستوطنات وضمّ الضفة الغربية. فعلى سبيل المثال، إدعى وزير الأمن يسرائيل كاتس في بيان عممته وزارة الأمن أن “الحديث يدور عن قرار ثوريّ يُنصف الاستيطان اليهوديّ في يهودا والسامرة وسيؤدي الى تقويته وتعزيزه، تقوية أسسه وتوسيعه“. في حين اعترف وزير المالية والوزير الاضافي في وزارة الأمن بتسالئيل سموطريتش علنًا وبصريح العبارة أن الهدف من تجديد مسارات تسوية الأراضي هو ضمّ الضفة الغربية: “لأول مرة تأخذ دولة اسرائيل على نفسها المسؤولية كصاحب سيادة ثابت ودائم وتشرع في تنفيذ مسارات تسوية الأراضي في يهودا والسامرة. ستخلق تسوية الأراضي يقينًا قانونيًا يُتيح تطوير المخزون المستقبلي من الأراضي للاستيطان ويمنع جهود السلطة الفلسطينية للسيطرة على المساحات المفتوحة”.
إلتمست مؤسسة ييش دين، بمكوم، جمعية حقوق المواطن في اسرائيل، والمركز القانوين لحماية الفرد في 11.09.2025 إلى محكمة العدل العُليا، مُطالبة بإلغاء قرار المجلس الوزاري المُصغّر لاستئناف مسارات تسوية الأراضي في الضفة الغربية. يؤكد الالتماس أن قرار المجلس الوزاريّ يُشكل خطوة للضم لا لُبس فاهمة تهدف إلى ضم الأراضي المُحتلة، والتي تتناقض تناقضًا تامًا والتزامات اسرائيلي بقوانين الاحتلال والقانون الانساني الدوليّ.
حذّر المستأنفون من أن هذا القرار يستخدم كأداة اضافية لسلب المواطنين الفلسطينيين أراضيهم وأملاكهم، ومن المتوقع أن يمسّ الحقوق الأساسية لسكان الضفة الغربية الفلسطينيين المُعرّفين كسُكان محميين بموجب القانون الدوليّ، وسيمسّ بحقوق الكثير من الفلسطينيين الذين أصبحوا “غائبين” ولن يتمكنوا من الدفاع عن أملاكهم. سيمسّ قرار المجلس الوزاريّ المُصغّر بسكان يفتقدون لحق الاختيار، والذين لا طائلة لهم في التأثير على قرارات الحكومة ومستقبلهم.
ويُشير الالتماس إلى أن الحديث يدور عن خطوة لا رجعة فيها ذات تداعيات واسعة النطاق تهدف إلى تحديد الملكية في أراضي واقعة في مناطق مُحتلة. وجاء في الالتماس أن الحديث يدور عن “قرار ذات تداعيات وهيمة على علاقات دولة اسرائيل مع الأراضي المفروضة تحت حُكم وسيطرة المُجيب رقم 4 (قائد قوات الجيش في الضفة الغربية) مؤقتتًا، مما سيؤدي علنًا وبشكل مقصود، وبالتالي أيضًا بفعل فاعل، إلى ضمّ وفرض سيادة بأمر الواقع، بشكل يتناقض تناقضًا تامًا مع أحكام القانون الدوليّ”.
وضعية الالتماس: إجراءات سارية



