تعتبر المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية مراكز لأعمال عنف وانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان الفلسطيني في المناطق المحتلة. يحظر القانون الإنساني الدولي إقامة تجمعات سكانية لمواطني دولة الاحتلال في الأرض المحتلة. ولكن برغم الحظر، دأبت إسرائيل على بناء المستوطنات في الضفة الغربية فور احتلالها عام 1967، ونهبت لهذا الغرض مئات آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية. يفسر هذا القاموس ويحلّل المصطلحات الأساسية المتعلّقة بموضوع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية.
أراض فلسطينية خاصة – بدأت عملية تسجيل ملكية الأراضي بالطابو في الضفة الغربية في فترة الحكم العثماني، واستمرّت خلال الانتداب البريطاني وتحت حكم الأردن. بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967 بوقت قصير عمدت إسرائيل إلى تجميد إجراءات تسجيل الأراضي. وتمّ حتى ذلك الحين تسجيل 30% فقط من أراضي الضفة الغربية. ويعني ذلك أن هناك نوعين من أراضي الملك الخاص: أرض خاصة تمّت تسويتها – أي تمّ تسجيلها بأسماء أصحابها الفلسطينيين في دائرة السجل العقاري التي يديرها الجيش الإسرائيلي في المناطق المحتلة؛ وأرض خاصة لم تتمّ تسويتها – أي أرض خاصة بحيازة فلسطينية ويقوم بفلاحتها فلسطينيون، ولكن ملكيتها غير مسجلة في الطابو.
أراض عامة (أراضي دولة) – وهي أراض تمّ تسجيلها في دائرة السجل العقاري ملكًا حكوميًّا تابعًا للمملكة الأردنية وأراض أعلن عنها الحكم العسكري أراضي عامة، أي أنها ليست أراضي ملك خاص. يتولّى الحكم العسكري إدارة هذه الأراضي التي يُفترض أن تُستعمل للمصلحة العامة. خلافًا لقوانين الاحتلال الدولية، خصّص القائد العسكري – بواسطة الإدارة المدنية – الأغلبية الساحقة من الأراضي العامة خدمةً للمشروع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية.
المستوطنات – هي تجمّعات سكانية إسرائيلية أُنشئت في مناطق الحكم العسكري في الضفة الغربية بموافقة الحكومات الإسرائيلية. مواثيق القانون الإنساني الدولي، ومجموعة القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع القانوني الدولي، تقرّ بأن إنشاء تجمعات سكانية لسكان دولة الاحتلال في الأرض المحتلة هو أمر غير قانوني. ويعني هذا أنه وفق القانون الدولي فإن جميع المستوطنات غير شرعية. مع هذا، تمتنع المحكمة العليا عن مناقشة هذه المسألة بادعاء أنها سياسية. حتى عام 2017 أقيم في الضفة الغربية أكثر من 130 مستوطنة.
بؤر استيطانية غير مرخّصة – هي تجمعات سكانية إسرائيلية أُنشئت في المناطق المحتلة دون ترخيص من المستوى السياسي، ولكنها تكون غالبًا مدعومة ومموّلة من جهات حكومية مختلفة. بُنيت الأغلبية الساحقة من البؤر الاستيطانية بشكل كامل أو جزئي على أرض فلسطينية خاصة ودون تراخيص بناء. منذ أواسط التسعينات وحتى بداية الألفية الجديدة أُنشئ حوالي مئة بؤرة استيطانية، وقد تمّت شرعنة أكثر من ثلثها بأثر رجعي أو أنها تمرّ بإجراءات لشرعنتها من قبل الحكومة الإسرائيلية.
شرعنة – تبييض أو “تسوية”، أي منح مكانة قانونية بأثر رجعي لمبانٍ وتجمّعات سكانية أُنشئت دون تصريح وبشكل مخالف للقانون. ابتداءً من عام 2011 تعمل الحكومة الإسرائيلية على تبييض بؤر استيطانية غير مرخّصة وتحويلها إلى مستوطنات رسمية (ولكن غير شرعية وفق القانون الدولي). ومن ضمن الاإجراءات لشرعنة البؤر الاستيطانية: تحديد مناطق نفوذها، تغيير الوضعية القانونية للأراضي التي أُنشئت عليها والنهوض بمخططات بناء مدن.
في عام 2017 سنّ الكنيست الإسرائيلي، بخلاف موقف المستشار القضائي للحكومة، “قانون التسوية” الذي يتيح مصادرة الحق في استعمال أراضي الملك الخاص الفلسطينية التي بُنيت عليها مستوطنات وبؤر استيطانية. وقد تمّ تقديم عدة التماسات لمحكمة العدل العليا ضد القانون من قبل أصحاب أراض فلسطينيين ومنظّمة ييش دين ومنظّمات حقوقية أخرى، بحجة أن القانون منافٍ للقانون الإنساني الدولي ويشكّل انتهاكًا سافرًا لقانون أساس: كرامة الإنسان وحريته وحق التملّك.
منطقة نفوذ – هي حدود المنطقة البلدية لسلطة محلية معينة تمّ تحديدها بموجب أمر القائد العسكري للمنطقة (قائد المنطقة الوسطى). مناطق النفوذ الرسمية للمستوطنات والمجالس الإقليمية في الضفة الغربية هي أكبر بكثير من المنطقة التي تستغلها بالفعل، وبلغت عام 2013 حوالي 1.2 مليون دونم، تشكّل 63% من المنطقة C. وتشتمل مناطق نفوذ المستوطنات على معظم الأراضي التي تعرّفها إسرائيل أراضي عامة (أراضي دولة).
فريق الخط الأزرق – تم تشكيل فريق الخط الأزرق في الإدارة المدنية عام 1999، ومهمّته فحص إعلانات إسرائيل عن مئات آلاف الدونمات في المناطق المحتلة أراضي عامة في مطلع الثمانينات، وعلى أثر قرار محكمة العدل العليا في قضية دويكات – “الون موريه” (ملف محكمة العدل العليا 79/390). ويهدف الفحص الذي أُنيط بفريق الخط الأزرق، إلى التأكد من أن تتمّ إجراءات تخصيص الأراضي والتخطيط فقط في الأراضي العامة حيث تجيز إسرائيل بناء المستوطنات.
أراض تحت إجراءات المسح – بموازاة عمل فريق الخط الأزرق، تقوم إسرائيل ب”إجراءات مسح” للأراضي التي يوجد شك حول حقوق الملكية فيها، وذلك لحسم وضعيتها القانونية والنظر في إمكانية الإعلان عنها أراضي عامة.
مخطط هيكلي (مخطط بناء مدينة) – هو مستند يحدّد استعمالات الأراضي المسموحة ضمن مساحة معينة، ويشتمل على تفاصيل الغايات من استعمالات الأراضي: بناء المساكن، بناء المباني العامة، التجارة وغيرها. تستوجب المخططات الهيكلية في الضفة الغربية الحصول على مصادقة مجلس التخطيط الأعلى – وهو جسم تابع للإدارة المدنية ومؤلّف من خبراء مهنيين في المجال وخبراء في القانون العسكري، وينعدم فيه التمثيل الفلسطيني. يعتبر البناء دون مخطط هيكلي أو استعمال الأرض بشكل مخالف للغايات المحددة لها في المخطط الهيكلي ساري المفعول، أمرا غير قانوني. ومن الممكن استصدار رخص للبناء فقط بموجب مخطط هيكلي، وهي شرط لبدء البناء بشكل قانوني. في الأراضي التي تمّ وضع اليد عليها بفعل أمر عسكري يطلق على المخطط الهيكلي اسم “نظام التعليمات”.
أمر عسكري بوضع اليد – يجيز القانون الإنساني الدولي لدولة الاحتلال وضع يدها على أراض ومبان خاصة لأغراض عسكرية ضرورية وطارئة. الأمر العسكري بوضع اليد لا يغيّر ملكية الأرض بل يصادر مؤقّتًا الحق باستعمالها وينقلها صلاحية التصرّف فيها للجيش، حتى تنقضي الحاجة الأمنية الضرورية والطارئة. في الأعوام 1967-1979 وضع الجيش الإسرائيلي يده – بموافقة المحكمة العليا (ملف محكمة العدل العليا 78/606 أيوب وآخرون ضد وزير الأمن) – على عشرات آلاف الدونمات من أراضي الملك الخاص الفلسطينية في الضفة الغربية، وقد تم تخصيص معظمها لإنشاء مستوطنات مدنية (ومنها “إفرات”، “بيت إيل” و”كريات أربع”).
في عام 1979 حكمت المحكمة العليا ببطلان هذا الإجراء وحدّدت في قرارها في التماس دويكات أنه “لا يمكن للحكم العسكري خلق وقائع على الأرض لحاجاته العسكرية إذا كان الهدف المسبق منها هو بقاؤها بعد انتهاء الحكم العسكري لنفس المنطقة”، وعلى أية حال “إن الاعتبار الحاسم الذي دفع الجهاز السياسي للقرار بشأن إقامة المستوطنة التي نحن بصددها [مستوطنة “الون موريه”] لم يكن الاعتبار العسكري” (ملف محكمة العدل العليا 79/390 دويكات وآخرون ضد الحكومة الإسرائيلية وآخرين). على أثر صدور قرار الحكم نُقلت مستوطنة “الون موريه” إلى موقع آخر، وتوقّفت إسرائيل عن إنشاء مستوطنات بناءً على أوامر وضع اليد العسكرية. ولكن، في المستوطنات التي تمّ بناؤها على أساس هذه الأوامر تتواصل أعمال البناء، كما تواصل إسرائيل إنشاء مستوطنات في كافة أرجاء الضفة الغربية، وخاصة على الأراضي التي أُعلنت أراضي دولة.
الأمر بشأن الأموال المتروكة (أمر رقم 58) – هو أمر عسكري صدر عام 1967 ويحدّد بأن المسؤول عن الأموال المتروكة من جانب القائد العسكري، مخوّل باستلام حق التصرّف في الملك إذا كان صاحبه أو المتصرّف فيه القانوني قد غادر الضفة الغربية. وخلافًا لقانون أملاك الغائب الساري مفعوله داخل حدود إسرائيل، لا يجيز هذا الأمر إلغاء ملكية الملك المتروك ويفرض على المسؤول الحفاظ على الملك إلى حين عودة صاحبه، وردّ حق التصرّف فيه إلى صاحبه في حال عودته. بموجب السياسة الإسرائيلية المتّبعة في المناطق المحتلة ابتداءً من الثمانينات، يحظر استعمال الأموال/الأملاك المتروكة لإنشاء المستوطنات، كما يعتبر تصرّف المسؤول فيها أمرًا مؤقتًا ينتهي بعودة أصحابها.