تُظهر ورقة الموقف التي نشرتها “ييش دين” تحت عنوان “من الاحتلال للضمّ: التبني الهادئ لتقرير ليفي حول شرعنة البناء غير القانوني في الضفة الغربية”، بأن حكومة إسرائيل قد تبنّت بشكل غير رسمي تقرير ليفي وتعمل على تطبيق توصياته ووجهة نظره القانونية. كما تُظهر الورقة بأن الحكومة الإسرائيلية قامت خلال السنوات الثلاث والنصف الأخيرة بالتنصّل التدريجي من التزامها العمل في إطار القانون الدولي، ومن واجبها حماية ممتلكات السكان المحليين المحميين. ما يحدث عمليا هو سياسة ضمٍّ زاحف لمناطق الضفة الغربية، دون الإعلان عن ضمّها بشكل رسمي، لأنّ الضمّ الرسمي يُلزمها بمنح السكان الفلسطينيين مكانة مواطنين متساوي الحقوق.

نُشر تقرير ليفي في صيف 2012 وحدّد بأن مناطق الضفة الغربية ليست منطقة محتلة، وأنه لا مانع من إنشاء مستوطنات إسرائيلية فيها. وبناءً على ذلك، أوصت اللجنة بسلسلة من الخطوات لشرعنة كل البناء غير القانوني في البؤر الاستيطانية ولتكريس وتوسيع المشروع الاستيطاني الإسرائيلي.

رغم أن الحكومة لم تتبنَّ رسميا تقرير لجنة ليفي، لوحظت في السنوات التي أعقبت نشر التقرير عملية واضحة من تبنّي “نظرية اللا-احتلال” التي حدّدها التقرير، إضافة إلى تطبيق الحكومة والسلطات الخاضعة لها لبعض توصياته. وتجلّى تبني النظرية في إلزام القنصليات الإسرائيلية في أنحاء العالم بعرض مستند صادر عن وزارة الخارجية، يشير إلى أن الموقف الرسمي لدولة إسرائيل هو أن الضفة الغربية ليست منطقة محتلة، وأن المستوطنات الإسرائيلية خارج الخط الأخضر قانونية، ولا تتعارض مع القانون الدولي والقانون الإسرائيلي.

وينعكس تبني وجهة النظر القانونية لتقرير ليفي في تكثيف تدخل وزارة العدل في موضوع شرعنة البؤر الاستيطانية والمستوطنات في الضفة الغربية. ويظهر هذا التدخّل في التحوّل الذي طرأ على ردود الدولة على الالتماسات المقدمة لمحكمة العدل العليا، بشأن البناء غير القانوني وإخلاء البؤر الاستيطانية، وفي النية المعلنة لشرعنة البؤر الاستيطانية التي تعترف الدولة بأنّها أُنشئت بشكل غير قانوني.

علاوة على ذلك، تعمل الحكومة في عدة مسارات على شرعنة كامل البناء غير القانوني في الضفة، بما في ذلك البناء الذي تمّ على أرض فلسطينية خاصة. فمثلا، تعمل الدولة على تأسيس محكمة عسكرية لشؤون العقارات؛ كما شكّلت لجنة هدفها وضع مخطط لشرعنة البناء غير المرخص لمباني وأحياء في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة؛ كما تحاول الحكومة دفع قانون يهدف إلى شرعنة البناء غير القانوني ويخوّل الدولة صلاحية إجبار أصحاب أراضٍ فلسطينيين على التنازل عن حقوقهم في الأرض لقاء تعويضات.

التعبير الأمثل لتطبيق تقرير ليفي في الميدان هو الازدهار الذي تشهده عملية شرعنة البؤر الاستيطانية في السنوات الأخيرة، حيث تمّت شرعنة أو البدء بإجراءات شرعنة 30 من أصل مئة بؤرة استيطانية. وقد تمّ بناء العديد من هذه البؤر، إما كلّها أو جزء منها، على أراض فلسطينية خاصة. وغالبًا ما تكون شرعنة هذه البؤر مرتبطة بسلب أراض الملك الخاص التابعة للفلسطينيين، ونقلها لأيادي من اقتحموها بشكل منافٍ للقانون، وأحيانا كثيرة باللجوء إلى القوة.

تشتمل ورقة الموقف على عدد من التوصيات التي تهدف إلى ضمان التزام إسرائيل بتعليمات القانون الدولي التي تنصّ على ضرورة الحفاظ على مبدأ مرحلية الاحتلال والامتناع عن القيام بتغييرات بعيدة المدى أو دائمة في الأرض المحتلة.

فيما يلي بعض هذه التوصيات:

  1. على حكومة إسرائيل الامتناع عن دعم أو تحفيز نفاذ أي قانون مركزي على المناطق المحتلة.
  2. على المستشار القضائي للحكومة العمل على منع تأسيس منظومة قانونية إسرائيلية ذات صلاحيات للحسم في مسائل قانونية تتعلّق بالعقارات في الضفة الغربية.
  3. على المستشار القضائي للحكومة العمل على منع تحفيز سنّ تشريعات أو قوانين أخرى تهدف إلى مصادرة أراض يمتلكها فلسطينيون وإجبارهم على التنازل عن حقهم فيها لغرض شرعنة بناء غير قانوني.
  4. على وزارتي العدل والأمن منع إنشاء مستوطنات جديدة وشرعنة بؤر استيطانية غير شرعية بأثر رجعي، علما أنها تمسّ بحق التملّك المكفول للفلسطينيين وتشكّل انتهاكا للقانون الدولي.
  5. على وزير الأمن إصدار تعليماته للهيئات الإسرائيلية الفاعلة في مناطق الضفة الغربية بوجوب تلبية تعليمات القانون الدولي التي تحظر استخدام أراض تمّ وضع اليد عليها لأغراض عسكرية ضرورية وعاجلة لأهداف أخرى.