يشير تحليل المعطيات الأخيرة بخصوص معالجة جهاز إنفاذ القانون العسكريّ لمخالفات ارتكبها جنود ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم إلى أنّه رغم التغييرات الحاصلات في السنوات الأخيرة، إلّا أنّه لم يطرأ أيّ تغيير جذريّ على آلية معالجة الجيش الإسرائيليّ لمخالفات الجنود ضد الفلسطينيين. يسعى الجهاز العسكريّ إلى منع التحقيق مع جنود الذين يسيئون لمواطنين فلسطينيين ومحاكمتهم، ولا توفّر للفلسطينيين الحماية من المخالفات التي يرتكبها ضباط وجنود إسرائيليون.
المعطيات المتعلّقة بإنفاذ القانون على الجنود المسيئين للفلسطينيين في الضفة الغربيّة وقطاع غزة تستند إلى معلومات قدّمها الجيش لييش دين على إثر الطلبات المختلفة التي قدّمتها المنظّمة للحصول على معلومات.
في الفترة ما بين 2017 و 2018، تلقت النيابة العسكريّة 430 شكوى حول شبهات بالإساءة لفلسطينيين من قِبل جنود في الضفة الغربيّة وقطاع غزة. من بين جميع الشكاوى، فُتح حتى الآن 84 تحقيقًا جنائيًّا، أيّ ما يعادل %20 فقط من جميع الشكاوى التي قدّمت خلال هذه السنوات وتقرّر متابعة معالجتها. تم إغلاق 330 ملفًا دون إجراء تحقيق جنائيّ، وذلك بعد إجراء “استيضاح وقائعيّ” لجزءٍ من الشكاوى بأمر من النيابة العسكريّة.
عدد التحقيقات التي فُتحت في 2017 و 2018 قليل جدًا مقارنةً بمتوسّط التحقيقات في السنوات السابقة، ويدلّ على نزعة هبوطيّة في عدد التحقيقات الجنائية ضد جنود يشتبه بإيذائهم لفلسطينيين. حسب تقديرنا، يعكس هذا الانخفاض سياسة موجّهة تنطوي على رفع المعايير لاتخاذ القرار بفتح تحقيق جنائيّ، والتي تسفر عن فتح تحقيقات جنائيّة في الحالات الصعبة والمتطرّفة فقط.
كما في السنوات الأخيرة، بقيت نسبة التحقيقات التي أسفرت عن جمع أدلة كافية وانتهت بمحاكمة المشتبه بهم منخفضة جدًا: 3 ملّفات فقط (%3.2) من مجمل ملّفات التحقيق التي فُتحت في 2017-2018 للاشتباه بإيذاء فلسطينيين انتهت بتقديم لوائح اتهام، صحيح لشهر أيار 2019. الدمج بين تقليص عدد التحقيقات والنسبة المنخفضة من الحالات التي تقدّم للمحاكمة في التحقيقات القليلة التي فُتحت يقلّلان من احتمال محاكمة جندي قدّمت ضده شكوى إيذاء فلسطينيّ أو ممتلكاته: %0.7 فقط من مجمل الشكاوى التي قدّمها فلسطينيون على إثر إيذائهم من قِبل جنود إسرائيليين في 2017-2018 انتهت بمحاكمة المشتبه بهم.
في إطار الجهود التي يبذلها الجيش لتطبيق توصيات لجان تريكل وتشيخنوﭬر، بدأت النيابة العسكريّة في عام 2017 بإعادة النظر في متابعة معالجة الشكاوى، وفي عام 2018، طرأ تحسّن ملحوظ على متوسّط الوقت الذي يمرّ حتى اتخاذ القرار بفتح تحقيق، وقد طرأ هذا التحسّن على حساب الانخفاض الملحوظ في عدد التحقيقات.
المعطيات تدلّ على أنّه لم يطرأ أيّ تغيير في تعامل الجهاز العسكريّ مع المخالفات التي يتركبها الجنود تجاه الفلسطينيين. التغييرات التي طرأت تتيح لجهاز إنفاذ القانون عرض نتائج مُحسنة لصدّ الانتقادات الموجّهة ضدّه، وفي الوقت نفسه متابعة تقديم الحماية شبه المطلقة للجنود في كلّ ما يتعلّق بإيذاء الفلسطينيين أو ممتلكاتهم.