عام 2009، تقدمت “ييش دين” بالتماس غير مسبوق لمحكمة العدل العليا للمطالبة بوقف العمل الذي تقوم فيه المحاجر الإسرائيلية في الضفة الغربية، مدعيةً أن الاستيلاء على الثروات الطبيعية في الضفة الغربية لفائدة دولة إسرائيل هو أمر غير قانوني. وادّعت المنظمة في التماسها أن سياسة إسرائيل تعتبر استغلالاً اقتصاديًا وحشيًا لمناطق محتلة، من أجل تلبية الاحتياجات الاقتصادية الخاصة لدولة إسرائيل، وسط انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي. في ديسمبر/كانون الأول 2011، ردت محكمة العدل العليا الالتماس، وأجازت استغلالاً استعماريًا سافرًا للثروات الطبيعية على أرض محتلة.

ورقة الموقف “إفراغ من المضمون” تبيّن أنّه نتيجة ردّ الالتماس، ازدهر قطاع المحاجر الإسرائيلية في الضفة الغربية بشكل ملحوظ. وفقًا للمعطيات التي وردت إلى منظمة ييش دين، تبين أنّه في عام 2008, أي قبل تقديم الالتماس بسنة واحدة، تم اقتطاع 12 مليون طن من الحصى من أراضي الضفة الغربية في المنطقة، وخلال سبع سنوات، ازدادت هذه الكمية بأكثر من 40%، لتصل في 2015 إلى 17 مليون طن في السنة. اعتماد قطاع المحاجر في إسرائيل على استخراج الحجارة من الأماكن القريبة جغرافيًا هو مطلق، وذك بسبب كلفة النقل، التي تؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات المشابهة المستوردة. أكثر من 20% من الاستهلاك الإجمالي لدولة إسرائيل يتوفر من خلال المحاجر.

يستدّل من ورقة الموقف هذه أنّه في عام 2009، المردود المالي الذي دفع للإدارة المدنية مقابل استخدام المحاجر زاد عن 28 مليون شاقل. عام 2015، جَبَت الإدارة المالية أكثر من 74 مليون شاقل مقابل استخراج الحجارة من أراضي الضفة. في الفترة ما بين 2009-2015 دخل إلى صندوق الإدارة المدنية مبلغ 285 مليون شاقل من المحاجر في المنطقة ج.

الوثائق الرسمية للدولة تشير إلى أنّ التخطيط بعيد الأمد للسلطات الإسرائيلية يستند إلى الإمكانات الكامنة في المحاجر في الضفة الغربية للسنوات الثلاثين القادمة على الأقل. هذا التخطيط الاستراتيجي يكشف الستار عن نوايا دولة إسرائيل في متابعة الاستفادة من الاحتلال العسكري لتلبية احتياجاتها الاقتصادية، وإفراغ المناطق المحتلة من ثرواتها الطبيعية وإعاقة قدرة الفلسطينيين على استخدام هذه الموارد الطبيعية.

“نهب إسرائيل للموارد والثروات الطبيعية من الضفة الغربية على مدار عشرات السنين هو تجسيد للاستعمار. في الواقع، قرار المحكمة العليا أفرغ التفسير المُعتمد للقانون الإنساني الدولي من مضمونه، وأتاح متابعة استغلال الأرض المحتلة، بشكل غير قابل للتعويض والإصلاح، من أجل تلبية الاحتياجات الاقتصادية لإسرائيل”، جاء في ورقة الموقف.