في كانون أول (ديسمبر) 2014 أصدرت محكمة العدل العليا قرارًا بإخلاء البؤرة الاستيطانية غير الشرعية “عمونا” خلال عامين، وذلك لأن جميع مبانيها قد بُنيت بشكل غير قانوني ودون رخص بناء على أراضٍ فلسطينية خاصة. ولكنّ الضغط السياسي الكبير الذي مارسه مستوطنو عمونا وعناصر يمينية أخرى، ولّد عدة اقتراحات للحيلولة دون تنفيذ الإخلاء، أو على الأقل لإفراغ قرار المحكمة من مضمونه.
في آب (أوغسطس) 2016، أي قبل أربعة أشهر من تاريخ الإخلاء المحدّد، نشرت الإدارة المدنية خريطة تشتمل على 35 قسيمة أرض في محيط البؤرة الاستيطانية، يقع بعضها على مسافة أمتار معدودة من الموقع الحالي للبؤرة، وذلك في نطاق النظر في إمكانية الإعلان عن هذه القسائم “أملاكا متروكة”، ليتسنّى نقل مباني البؤرة الاستيطانية إليها. ينصّ “الأمر بشأن الأموال المتروكة” على أن المال المتروك هو المال الذي غادر صاحبه المنطقة قبل، خلال أو بعد تاريخ 7/6/1967. أمّا المال الذي يتصرّف به شخص ما غير صاحبه الشرعي ولم يغادر المنطقة، أو أن له ورثة موجودين في المنطقة، فلا يعتبر مالاً متروكًا. وعليه، فإن إثبات ملكية القسائم أو التصرّف الفعلي بها، من شأنهما منع التقدم نحو إقرار المخطط المقترح.
خلافًا لقانون أملاك الغائب الساري المفعول داخل حدود إسرائيل، فإن الأمر بشأن الأموال المتروكة لا يلغي ملكية الملك المتروك، ويجب السماح لصاحب الملك باستعمال ملكه لدى عودته للمنطقة. لذا، لا يمكن نقل الملك لملكية طرف آخر، بل يمكن فقط تأجيره لمدة قصيرة أو طويلة. وقد فُرضت حتى على هذه الإمكانية قيود مختلفة، نابعة من واجب المسؤول عن المال المتروك من طرف الإدارة المدنية أن يدير المال المتروك لصالح صاحبه، وحظر القيام بأية تغييرات في الملك إلى حين عودة أصحابه.
وبما أن إناطة الملك المتروك بالمسؤول من طرف الإدارة المدنية هي عملية مؤقتة تستمر إلى حين عودة أصحابه، اتبعت وزارة العدل الإسرائيلية من الثمانينات سياسة تحظر استعمال الأراضي المتروكة لغرض إنشاء مستوطنات يهودية. وكانت المسؤولة عن بلورة هذه السياسة مديرة القسم المدني في نيابة الدولة في تلك الآونة، المحامية بليئا البيك، وذلك ضمن جهودها لإيجاد غطاء قانوني يتيح المشروع الاستيطاني.
في مطلع أيلول (سبتمبر) الجاري قدّم أصحاب الأراضي من قرى سلواد، عين يبرود والطيبة، بمساعدة “ييش دين”، اعتراضاتهم على مشروع إعلان نحو ثلثي القسائم المقترح نقل البؤرة الاستيطانية إليها، مالاً متروكًا. كما قُدّمت للإدارة المدنية صورٌ جوّية تثبت أن الأغلبية الساحقة من القسائم كانت تُفلَح بشكل متواصل في الثمانينات والتسعينات إلى أن أُنشئت البؤرة الاستيطانية “عمونا”.