ملف محكمة العدل العليا 9949/08 – مريم حسن عبد الكريم حماد ضد وزير الأمن

وصف فحوى الالتماس: تعتبر عمونا الواقعة بالقرب من مستوطنة عوفرا، شمال شرق مدينة رام الله، أكبر بؤرة استيطانية غير شرعية في الضفة الغربية. تمّ بناؤها عام 1995 بعد أن أنشئ في المكان “موقع أثري” و”موقع حاويات المياه” لشركة المياه الإسرائيلية مكوروت. وُضعت الكرافانات الأولى في المكان عام 1996، وصدرت أوامر الهدم الأولى للمباني الثابتة في عام 2000. في عام 2005 التمست حركة “سلام الآن” لمحكمة العدل العليا طلبًا لهدم تسعة مبانٍ في المكان؛ تمّ في شباط (فبراير) 2006 تنفيذ الهدم وتخلّلته أعمال عنف شديدة من جانب المتحصّنين في المكان ورجال الشرطة الذين قدموا لإخلائهم.

لمشاهدة الفيلم:

في عام 2008 التمست “ييش دين” لمحكمة العدل العليا باسم مجموعة من أصحاب أراضي قرى المنطقة (سلواد، عين يبرود وطيبة)، طلبًا لإخلاء البؤرة الاستيطانية كلها، نظرًا لأنها أقيمت على أراضٍ فلسطينية خاصة. واعترفت الدولة في جلسة المحكمة بأن البناء غير قانوني والتزمت بإخلاء عمونا “بطرق سلمية” حتى نهاية 2012، غير أنها لم تف بالتزاماتها. في كانون أول (ديسمبر) 2012 أمرت محكمة العدل العليا بإخلاء عمونا حتى نيسان (أبريل) 2013 ولاحقًا تأجل الإخلاء لتموز (يوليو) 2013.

مع اقتراب موعد الإخلاء ادّعى مستوطنو البؤرة بأن شركة الوطن – التي يرتبط اسمها بسلسلة من أعمال التزوير في مستندات ملكية الأراضي – اشترت أراضٍ في عمونا؛ استغلّت الدولة هذه الادعاءات لتطلب تأجيل الإخلاء. على أثر ذلك أمرت المحكمة بإخلاء المباني التي أنشئت على القسائم التي لا يدّعي طرف شراءها من أصحابها، وتأخير إخلاء المباني التي على القسائم المتنازع عليها. بعد أن أعلن المستشار القضائي للحكومة عن إخلاء المباني التي أنشئت فقط على أراضٍ ادّعى الملتمِسون ملكيّتها، قدّمت “ييش دين” طلب تحقير المحكمة. وقررت المحكمة في أعقاب ذلك إخلاء كل المباني التي لم يتمّ بناؤها على أرض تم ادعاء تملّكها، “وبالذات، لعدم وجود خلاف على أن كل المستوطنة أقيمت على أراضٍ فلسطينية خاصة”.

على أثر ادعاء شراء الأراضي، قُدّمت شكوى للشرطة ضد التزوير في مستندات الملكية، ونقل قسم التشخيص الجنائي في الشرطة وجهة نظره التي تنصّ على وجود شبهة تزوير في مستندات الملكية الخاصة بالقسائم المعنية.

في كانون أول (ديسمبر) 2014 رفضت محكمة العدل العليا ادّعاءات الدولة وأمرت بإخلاء البؤرة كلها خلال عامين. وكتب رئيس المحكمة حينها، القاضي آشير چرونيس: “ليس من السهل علينا أن نأمر بتنفيذ أوامر بإخلاء بيوت المستوطنة التي سكنها أهلها لسنوات غير قليلة. لا شك أن انعكاسات تنفيذ أوامر الهدم صعبة ومؤلمة بالنسبة للسكان وعائلاتهم. ومع هذا، ليس في هذه الصعوبة ما يمكن أن يجيز شرعنة بناء غير قانوني على أرض خاصة، ولا تبرير عدم تطبيق القانون. عدم إخلاء البيوت يشكّل خرقًا لالتزامات الملتمَس ضدهم المتكرّرة أمام المحكمة بتنفيذ أوامر الهدم، وانتهاكا فادحا لحقوق المدنيين المحميين في المنطقة ومنع وصولهم لأملاكهم الخاصة. هذا المسّ بسلطة القانون وبحقوق المدنيين المحميين هو الأمر الذي يستوجب إخلاء بيوت المستوطنة، رغم المسّ بسكانها”.

بموازاة الالتماس لمحكمة العدل العليا قدّم أصحاب الأراضي بمساعدة “ييش دين” دعوى تعويضات لمحكمة الصلح في القدس لمطالبة الدولة بتعويضهم عن خرقها لواجبها إخلاء المقتحمين، وهو قصور أدى إلى فقدان دخل المزارعين المحتمَل من فلاحة أراضيهم. لأسباب أيديولوجية لم يطالب المدّعون بأي تعويض عن استخدام المستوطنين للأرض، وذلك لأنهم غير معنيين بالكسب من سكن المقتحمين في أرضهم.

في حزيران (يونيو) 2014 تم التوقيع على تسوية بين أصحاب الأراضي والدولة، التزمت الدولة حسبه بدفع مبلغ 300 ألف شيكل للمدّعين. وقد اعترفت الدولة في التسوية بأن “للمدّعين حقوقًا في الأراضي التي في صلب الدعوى، وهي أراض خاصة منظّمة”، وأن “على جزء من هذه القسائم… أُنشئت مبانٍ دون الحصول على رخص بشكل قانوني، ومع هذا، ففي الفترة السابقة لعام 2005 نقلت جهات حكومية أموالا للاستثمار في المكان. مع الإدارة المدنية قامت بإجراءات الرقابة في المكان طيلة سنوات، لم يتمّ حتى اليوم إخلاء معظم المباني غير القانونية في القسائم المعنية. نتيجة ذلك تعذّر على المدّعين الوصول إلى أراضيهم وفلاحتها”.

قُبل الالتماس وأمرت محكمة العدل العليا بإخلاء البؤرة الاستيطانية حتى 25.12.16. في تشرين الأول الجاري قدمت الدولة لمحكمة العدل العليا طلب بتأجيل اخلاء بيوت البؤرة الاستيطانية لسبعة شهور ودعت الدولة أن سبب هذا الطلب يعود لفحص إمكانية بدائل لنقل سكان البؤرة الاستيطانية عمونا ادعت الدولة أن هناك امكانيتان،نقل السكان الى مناطق مجاورة للبؤرة التي تحاول تعريفها كأملاك غائبين، أو نقلهم إلى مستوطنة “شافوت راحل” في عيمك شيلو.

في تشرين الثاني 2016 قدم المعترضون ردا لمحكمة العدل العليا ،جاء فيها أن أصحاب الأراضي الفلسطينيون يرفضون طلب الدولة لتأجيل إخلاء عمونا، جاء في تعقيب يش دين أن طلب التأجيل سياسي وقدم لمنع أزمة ائتلافية،والاستجابة له ستضر في الضحايا الحقيقيين، أصحاب الأراضي الفلسطينيون والذين ينتظرون العودة إلى أراضيهم منذ 20 عاما، وستضر كذلك بسيادة القانون ومكانة محكمة العدل العليا.

بعد أسبوع من تقديم رد المعترضين، رفضت محكمة العدل العليا طلب الدولة بتأجيل إخلاء عمونا . جاء في نص قرار القضاة: “هذه الحالة، كحالات سابقة غيرها،طُلب منا في الدقيقة ال 90 تمديد موعد الإخلاء الذي حُدد في قرار المحكمة”.وأضافوا “عيوننا التي ترى، أن أي فترة زمنية ستحدد، مهما كانت مدتها طويلة الأمد، لن تكون كافية. لذلك علينا أن نحذر من تحويل المواعيد النهائية في قرارات المحكمة الى توصيات”.

قبل أربعة أيام من الموعد الأخير للإخلاء، قدّمت الدولة طلبًا آخر لمحكمة العدل العليا لتأجيل الإخلاء ب45 يومًا، بعد أن تمّ التوصل لمشروع اتفاق بين الدولة ومستوطني “عمونا”. حسب الاتفاق المقترح، سينتقل مستوطنو “عمونا” إلى قسائم أخرى محاذية للبؤرة الاستيطانية، هي أيضًا أرض فلسطينية خاصة تم إعلانها أملاكًا متروكة. وقد ادّعت الدولة أن تأجيل الإخلاء ضروري لضمان تنفيذه بطرق سلمية، وأن هناك حاجة لمزيد من الوقت لإعداد الأرض التي سيتمّ توطين المستوطنين فيها.

في ردّهم على طلب الدولة، حاجج الملتمِسون بأنه ليس هناك سبب حقيقي لتأجيل الإخلاء، علمًا أن المستوطنين قد وافقوا على الإخلاء بطرق سلمية حتى في حال عدم تنفي الحل المقترح، كما أنهم علموا لدى موافقتهم على مشروع الحل بأن هناك أصحاب أراض معترفًا بملكيتهم لإحدى القسائم التي يقترح الاتفاق نقلهم إليها. وجاء في الردّ المقدَّم لمحكمة العدل العليا: “إن طلب تأخير التنفيذ هذا، والذي تم تقديمه قبل أربعة أيام من الموعد المحدّد لتنفيذ قرار الحكم، والذي أمهل الدولة عامين لتنفيذه، هو ذروة تنصّل الملتمَس ضدهم من مظاهر الحفاظ على مبادئ سيادة القانون والمساواة وحماية الملك الخاص والنزاهة”.

قبل يومين من حلول الموعد الأخير لتنفيذ قرار المحكمة إخلاء البؤرة الاستيطانية “عمونا”، قرّر القضاة الاستجابة لطلب الدولة وإمهالها 45 يومًا للإخلاء. وقد انتقد القضاة طلب الدولة، ولكنهم مع ذلك استجابوا له بعد أن وقّع مستوطنو “عمونا” على موافقتهم على إخلاء المكان بطرق سلمية. ومما جاء في قرار القضاة أنه: “كان بالإمكان رفض الطلب والتحديد بأن موعد تنفيذ قرار الحكم سيبقى الموعد المحدد فيه. وكان من الممكن القيام بكل ما تمّ فعله الآن في وقت سابق. مع هذا، وعلى أثر الجهود التي تمّت في الآونة الأخيرة للتوصّل لحل متّفق عليه، هناك التزام بالإخلاء بطرق سلمية ودون مواجهة ومعارضة في الموعد الموجَّل المطلوب. هذا الالتزام هو غير مشروط، وعليه قرّرنا تجاوزًا لحرفية القانون الاستجابة للطلب”.

في الأول من شباط 2017 ابتدأ إخلاء البؤرة الإستيطانية عمونا بحسب نص القرار.
وضع الالتماس:  تم الموافقة على الإلتماس وتم إخلاء عمونا.

لمشاهدة الفيلم: