فتحت شرطة التحقيقات العسكرية بين الأعوام 2003- 2013 أكثر من 179 تحقيقا جنائيًّا في الاشتباه بقتل مدنيين فلسطينيين بيد جنود إسرائيليين، ولكن 16 ملفا منها فقط أثمرت عن لوائح اتّهام. هذا ما تكشفه معطيات نشرتها منظّمة حقوق الإنسان “ييش دين”، حول تحقيقات الشرطة العسكرية والمحاكمات المتعلقة بملابسات وفاة فلسطينيين، وذلك في الفترة الممتدة من أيلول 2000 وحتى اليوم. وفق معطيات منظّمة “بتسيلم”، قُتل منذ اندلاع انتفاضة عام 2000 وحتى منتصف عام 2013 ما يقارب ال5000 فلسطيني بأيدي القوات الإسرائيلية في المناطق المحتلة.

نتيجة السياسة التي اتّبعت بشأن التحقيقات الجنائية منذ بداية الانتفاضة الثانية وحتى نيسان 2011 (وهي السياسة التي تمّ تناولها والتطرّق لإشكاليتها بإسهاب في تقرير لجنة طيركل الذي نُشر في 2013)، لم تحقّق شرطة التحقيقات العسكرية إلاّ في عدد قليل جدا من الحالات التي تورّط فيها جنود إسرائيليون بمقتل فلسطينيين.

تُظهر ورقة المعطيات التي نُشرت اليوم بأنّ عددا محدودا جدا من ملفات التحقيق في ملابسات وفاة فلسطينيين أثمر عن لوائح اتّهام، وأنّ عدد الحالات التي أُدين فيها جنود إسرائيليون منذ العام 2000 بالمسؤولية عن وفاة فلسطينيين في المناطق المحتلة، كان قليلا جدا.

في الفترة المذكورة أفضى 16 ملفا فقط من مجمل ملفات التحقيق في حوادث أسفرت عن مصرع فلسطينيين، إلى تقديم لوائح اتّهام. وقد اشتملت هذه اللوائح على اتّهام 21 جنديا بارتكاب مخالفات تتعلّق بوفاة 18 مدنيًّا فلسطينيًّا ومواطن أجنبي واحد، واتّهم آخرون بمحاولات تشويش التحقيق وليس بالضلوع في الحوادث نفسها. في نهاية الأمر أدانت المحاكم العسكرية سبعة جنود بتهم تتعلّق بوفاة ستة مدنيين فقط: خمسة فلسطينيين ومواطن بريطاني واحد. كما أدين جنديّان في إطار هذه الاجراءات بمحاولات تشويش الإجراءات القضائية.

من الجدير بالذكر أنّ طبيعة المخالفات التي اتُّهم بها جنود، والعقوبات الخفيفة التي حُكمت عليهم، تعكس الاستهتار بأرواح الفلسطينيين. فقد أُدين جندي واحد فقط بالقتل، وحكم عليه بالسجن الفعلي لمدة ثماني سنوات، ولكن في هذه الحالة الوحيدة كانت الضحية مواطنا أجنبيا وليس فلسطينيا. في حالات أخرى أُدين أربعة جنود، كلٌّ على حدة، بتهمة التسبّب بالموت بسبب الإهمال، وحُكم على بعضهم بالسجن لبضعة أشهر ولبعضهم الآخر بالسجن مع وقف التنفيذ.

في حالة أخرى أُدين ضابطان إسرائيليان بتهمة الإهمال في أعقاب وفاة طفل فلسطيني جراء إصابته بعيارات نارية أُطلقت على السيارة التي ركبها. وقد حُكم على أحدهما بتنفيذ أشغال عسكرية لمدة شهر وأربعة أشهر أخرى مع وقف التنفيذ، فيما حُكم على الآخر بالسجن الفعلي لمدة 30 يوما وأربعة أشهر أخرى مع وقف التنفيذ.