منذ أكثر من 55 عامًا، سيطرت إسرائيل على الضفة الغربية والملايين من الناس من خلال نظام احتلال عسكري. يعرّف القانون الدولي سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة بأنهم “محميون” وينص على أن إسرائيل ملزمة بحمايتهم. للمخالفات التي يرتكبها الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية معنى خاص، لأنها تُرتكب في إطار نظام تسيطر فيه مجموعة قومية على مجموعة قومية أخرى. الجناة هم مواطني دولة إسرائيل الذين اختاروا العيش في الأراضي المحتلة والتمتع بحماية الجيش والسلطات، وإذا ارتكبوا مخالفة يجب التحقيق معهم ومحاكمتهم وفقًا للقانون الجنائي الإسرائيلي. ضحايا المخالفات هم فلسطينيون يعيشون في ظل نظام عسكري قمعي مفروض عليهم، ممنوعون من المشاركة في اختيار السلطة أو في سياساتها.

تُرتكب أعمال العنف والمخالفات التي يمارسها الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة الغربية – في الأراضي الزراعية، وعلى الطرق، وفي شوارع القرى والمدن وحتى في المنازل. يسعى المستوطنون، من خلال العنف، إلى توسيع نطاق الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية عن طريق زرع الرعب والخوف وتعطيل الحياة اليوميّة للفلسطينيين. بهذه الطريقة، المخالفات المنفصلة التي يرتكبها مواطنون تدمج لإنتاج مخالفات أيديولوجية منظمة، والغرض منها دفع الفلسطينيين عن أراضيهم وتوسيع السيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية.

يُثبت تحليل بيانات “ييش دين” أن جهاز تطبيق القانون الإسرائيلي لا يقوم بواجبه في حماية الفلسطينيين من العنف الإسرائيلي. تنعكس إخفاقات نظام تطبيق القانون في سلسلة كاملة بشأن التعامل مع المخالفات الأيديولوجية التي يرتكبها مواطنون إسرائيليون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية: منع معدوم التأثير، تحقيقات مخفقة للشرطة، معدل منخفض للوائح الاتهام وعقوبات مخففة للمخالفين المُدانين. تثبت حقيقة هذا فشل منهجي طويل الأمد أن هذه سياسة متعمدة لدولة إسرائيل، والتي تعمل على تطبيع العنف الأيديولوجي للإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتدعمها بل وتستفيد من نتائجها.

 93٪ من ملفات التحقيق الأيديولوجية في الضفة الغربية تم إغلاقها دون تقديم لائحة اتهام

منذ عام 2005، قامت منظمة ييش دين برصد 1597 ملف تحقيق تم فتحه في أعقاب أعمال عنف قام بها مواطنون إسرائيليون ضد فلسطينيين في الضفة الغربية (لا تشمل القدس الشرقية). بالإضافة إلى هذه الحالات ، وثّقت “ييش دين” على مدى سنوات عدة مئات من حوادث عنف المستوطنين الإضافية التي اختار فيها الضحايا الفلسطينيون للمخالفة عدم تقديم شكوى إلى الشرطة ، وفي هذه الحالات ، وفقًا للأغلبية ، لم تحقق الشرطة في المخالفات على الإطلاق.

من بين 1531 قضية تحقيق تم الانتهاء من معالجتها، تم تقديم لائحة اتهام ل 107 قضايا (7٪) فقط. يُظهر تحليل الظروف التي تم فيها إغلاق ملفات التحقيق أن الشرطة فشلت في التحقيق في 81.5٪ من الملفات التي تم فتحها منذ عام 2005. وتشير نسبة الفشل المرتفعة إلى فشل منهجي مستمر لهيئات تطبيق القانون في التعامل مع الجرائم الأيديولوجية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

3٪ فقط من ملفات التحقيق أدت إلى الإدانة

منذ كانون الأول عام 2022 ومنظمة ييش دين تقوم برصد 91 واقعة تتعلق بمخالفات ارتكبها مواطنون إسرائيليون ضد فلسطينيين في الضفة الغربية (هذه الوقائع انتهت معالجتها قي الشرطة وأدت الى تقديم لوائح اتهام بنتيجة معروفة). 50٪ من لوائح الاتهام (46 واقعة) أدت إلى إدانة كاملة أو جزئية للمتهمين بارتكاب مخالفة. 42٪ من الإجراءات (38 واقعة) انتهت بلا شيء بعد أن قررت المحكمة إدانة المتهمين لكنها قررت عدم إدانتهم بالفعل أو إلغاء لائحة الاتهام أو حذفها.

إجمالاً، منذ عام 2005، أدت 3٪ فقط من ملفات التحقيق التي تم فتحها لارتكاب مخالفات أيديولوجية من قبل إسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى إدانة. هذا المعدل المنخفض يبعث رسالة مفادها أن جهاز تطبيق القانون لا ينظر بجدية إلى عنف المستوطنين ويساهم في تعزيز الشعور بالحصانة عند الجناة وتكرار أفعالهم.

بيانات الشرطة عام 2021: التمييز في عمل سلطات تطبيق القانون في الأراضي المحتلة

المعلومات التي تجمعها وتحللها ييش دين لا تشمل جميع الحوادث التي يقوم فيها الإسرائيليون بإلحاق الضرر بالفلسطينيين أو ممتلكاتهم في الضفة الغربية. من أجل الحصول على صورة أكثر شمولاً، تتصل “ييش دين” بشرطة إسرائيل كل عام لتلقي بيانات حول تطبيق القانون في الضفة الغربية من الهيئة المكلفة بهذه المهمة.

من البيانات التي قدمتها الشرطة الإسرائيلية إلى ييش دين، يبدو أنه في عام 2021، تم فتح 282 ملف تحقيق في منطقة لواء شاي (شومرون ويهودا أي الضفة الغربية) بشأن “السلوك الإسرائيلي غير المنضبط والجريمة اليهودية القومية”. في 113 حالة المتضررين كانوا فلسطينيين وفي 169 ملف تحقيق كان ضحايا المخالفة من غير الفلسطينيين (أفراد من قوات الأمن الإسرائيلية ونشطاء إسرائيليون وأجانب).

عندما كانت الضحية فلسطينية، تم تقديم 3 لوائح اتهام فقط، وهي نسبة 2.6٪ من إجمالي ملفات التحقيق. لكن عندما كانت الضحية غير فلسطيني، تم تقديم 16 لائحة اتهام، أي ما يعادل 9.5٪ من مجموع ملفات التحقيق. أي أن احتمال تقديم لائحة اتهام ضد إسرائيلي أساء إلى شخص غير فلسطيني في الضفة الغربية (أفراد من قوات الأمن وآخرين) يزيد بمقدار ضعفين ونصف عن فرصة قيام سلطات إنفاذ القانون الإسرائيلية بتقديم لائحة اتهام ضد إسرائيلي قام بإيذاء فلسطيني.

تظهر البيانات موقفا تمييزيا في عمل سلطات تطبيق القانون في الأراضي المحتلة. الجريمة التي يرتكبها إسرائيلي بحق من هو غير فلسطيني، أي بحق أفراد من قوات الأمن وآخرين، تؤدي إلى تحقيق كبير من قبل الشرطة وتقديم لوائح اتهام. ومع ذلك، فيما يتعلق بالعنف الموجه ضد الفلسطينيين، فإن جهاز تطبيق القانون يتصرف بإهمال ولا يلاحق الجناة.