مع تشكيل الحكومة الـ 37 ونشر خطوطها الأساسية والاتفاقيات الائتلافية علنًا، نشرت المنظمات “ييش دين”، جمعية حقوق المواطن في اسرائيل، نكسر الصمت، و”أوفك” وثيقة سياسات تقوم بتحليل سياسات الحكومة الجديدة.
يتضح جليًا من هذه الاتفاقيات أن دولة إسرائيل تتجه نحو ضم الضفة الغربية بما يناقض القانون الدوليّ، إذ أن هذه الوثائق تشمل النيّة بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية. تشير تقديراتنا الى أنه رغم التصريح بضم الضفة الغربية بواسطة قانون يفرض السيادة الإسرائيلية عليها، لا يتوقع أن يتم الضم لاعتبارات دولية، وإن فحصنا مختلف الخطوات المتفقة تتجلى صورة الضم دون إعلان رسميّ. لا يرد في الاتفاقيات الائتلافية ولا في خطوط أساس الحكومة أي ذكر لحقوق الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية، وعليه فإننا نستنتج أن الحكومة الاسرائيلية لن تعطيهم على الأرجح مكانة مدنية.
التفاصيل الواردة في الاتفاقيات الائتلافية تعتبر استثنائية إذا ما قورنت بالاتفاقيات السابقة وتُشير إلى وجود برامج عمل منظمة لها انعكاسات واضحة. فهي توّفر لنا صورة واضحة للأهداف، والنوايا، والأولويات الخاصة بالحكومة الراهنة. والتي في إطارها وعدت الحكومة بتحويل ميزانيات ضخمة لأجل توسيع وترسيخ المشروع الاستيطانيّ، إلى جانب فرض القانون، المنظومتين القضائية والإدارية الاسرائيليتين على الضفة الغربية على نطاق واسع، مما يشكل ركيزة إضافية في ترسيخ السيطرة والوجود الإسرائيلي هناك.
خلف هذه الخطوات المخطط لها توجد النية المُعلنة بتشجيع مواطنين إسرائيليين على الانتقال والاستيطان في مستوطنات ما وراء الخط الأخضر، في انتهاك صارخ للبند 49 من معاهدة جنيف الرابعة. تتضح تمامًا هذه النية في مستند خطوط الأساس للحكومة التي افتتحت بالإعلان التالي: “يملك الشعبي اليهوديّ الحق الحصريّ الذي لا جدال فيه في جميع مناطق أرض إسرائيل. وستقوم الحكومة بالدفع قدمًا وتعزيز الاستيطان في جميع مناطق أرض إسرائيل: في الجليل، والنقب، والجولان، ويهودا والسامرة”. هذا الإعلان إزاء الحق الحصريّ المزعوم للشعب اليهوديّ يرسّخ ويثبت الفوقية اليهودية بوصفها الاعتبار الرئيسيّ في كل أنشطة وأعمال الحكومة في الأراضي المُحتلة وداخل اسرائيل.
تستعرض الوثيقة التوّجهات والخطوات المخطط تنفيذها بموجب الاتفاقيات وتقدم تحليلًا لتأثيراتها على وضع حقوق الانسان للسكان المحميين القاطنين في أرض محتلة: الضم، توسيع المستوطنات، تقليص محاسبة قوات الامن الإسرائيلية والمستوطنين، وتقليص الحيّز الديمقراطي داخل الحدود السيادية لدولة اسرائيل.
يجب معاينة الاتفاقيات كمجموعة تمثل مجتمعة تهديدًا أكبر بكثير منها مجتزئة – إذ أنه وبإسم السيادة سيتم تطبيق الضم بشكل يوّسع السيادة الاسرائيلية في الضفة الغربية ويثبّتها؛ وباسم “حق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل” وتعزيز الاستيطان سيتم الدفع قدما بعمليات تطويرية هائلة في المستوطنات والتي من شأنها توسيع حجم التواجد الاسرائيلي في الضفة الغربية؛ وباسم المساواة (بين الاسرائيليين من كلا طرفي الخط الأخضر) سيتم تعميق الاجحاف القانونيّ والذي يتمتع في إطاره المستوطنون بحقوق زائدة مقارنة بالفلسطينيين؛ وباسم المعركة القومية لارجاع الأمان والأمن الشخصي سيتم تقليص حجم محاسبة قوى الأمن، مما يزيد العنف الذي يتعرض إليه الفلسطينيين ويزيد من صعوبة حياتهم؛ وباسم الحوكمة وارجاع التوازن اللائق بين السلطات سيعمدون إلى إضعاف الديمقراطية داخل الحدود السيادية الاسرائيلية، من خلال تقويض منظومة الضوابط والكوابح وتكميم أفواه المعارضة المدنية لإجراءات الحكومة.
كل ما ذكر أعلاه يعني تعزيز الفوقية اليهودية في الضفة الغربية، وإبعاد السكان الفلسطينيين من المناطق ج (C) إلى جانب نهب وسلب أراضي بملكية فلسطينية والمسّ بحقوق الملكية، والتنصل من واجبات القوة المحتلة، مع المسّ بحقوق السكان المحميين وانتهاك للقانون الدوليّ. وعليه، فإن الحكومة الجديدة ستعمد إلى أن تنتهك فعليًا كافة مبادئ الولاء والطابع المؤقت لأحكام الاحتلال، كما من شأنها تعميق نظام الفصل العنصريّ (الأبارتهايد) القائم في الضفة الغربيّة.
(أنظروا أيضًا: تحليل ملحقات الاتفاقات الائتلافية بين الليكود وقائمة الصهيونية الدينية [بالانجليزية])