يحدّد تقرير “ييش دين” بعنوان “واقفون على الحياد: أداء جنود الجيش الإسرائيلي أثناء ارتكاب مدنيين إسرائيليين مخالفات بحقّ مدنيين فلسطينيين في الضفة الغربية”، بأن الجيش الإسرائيلي يتنصّل من واجبه حماية السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية من اعتداءات ينفّذها مدنيون إسرائيليون. اعتمد التقرير على عدة مصادر، بينها إفادات 77 ضابطًا وجنديًّا جمعتها منظّمة “نكسر الصمت – شوفريم شتيكا” الإسرائيلية.
لمشاهدة الفيلم:
يُعتبر الجيش الإسرائيلي ملزمًا وفق تعليمات القانون الدولي ووفق قرارات الحكم المتكرّرة الصادرة عن المحكمة العليا، بالحفاظ على الأمن العام وحماية الفلسطينيين مواطني الضفة الغربية وممتلكاتهم. على هذا الأساس، تمّ مباشرةً بعد احتلال الضفة الغربية منح جنود الجيش الإسرائيلي صلاحيات شرطوية. غير أن التقرير يبيّن بأنه على مر السنين تملّص الجيش من أداء هذا الواجب. كما يشير هذا التملّص إلى جانب آخر في سياسة احتواء الإجرام الناجم عن مواطنين إسرائيليين وعن مستوطنات في مناطق الضفة الغربية.
تتعلّق ظاهرة الوقوف على الحياد بحوادث عنف ارتكبها مدنيون إسرائيليون على مرأى من الجنود بحقّ مدنيين فلسطينيين وممتلكاتهم، دون أن يحرّكوا ساكنًا لمنع الاعتداء طيلة الحادث؛ أو دون إيقاف أو اعتقال المخالفين بعد انتهاء الحادث؛ أو دون إغلاق مكان وقوع الحادث للسماح بجمع الأدلّة من الموقع؛ أو دون الإدلاء بإفاداتهم حول ملابسات الحادث في الشرطة.
يشير التقرير بوضوح إلى أن الجنود الإسرائيليين غير واعين لواجبهم المتعلّق بحماية السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، ولا يفهمون الصلاحيات الممنوحة لهم، ولا يعرفون ما المطلوب منهم فعله أثناء وقوع حادث يتورّط فيه مدنيون إسرائيليون بالاعتداء على مدنيين فلسطينيين. كما تشير الإفادات إلى تدنّي مستوى الإرشاد والتأهيل اللذين يمنحهما الجيش لجنوده بكل ما يتعلّق بواجبهم كمنفّذي القانون والنظام.
علاوة على ذلك، يمتنع الجيش حتى اليوم عن صياغة تعليمات وأوامر تستخلص وتعرّف بوضوح الخطوات الواجب على الجندي اتّباعها أثناء وقوع حادث عنف يتورّط فيه مدنيون إسرائيليون. كما يمتنع الجيش عن الانصياع لتعليمات المستشار القضائي للحكومة المتعلّقة بتطبيق القانون والنظام على المدنيين الإسرائيليين، والتي تشتمل على تعليمات للجيش والشرطة حول مجالات مسؤوليتهم لدى وقوع حادث عنف يتورّط فيه مدنيون إسرائيليون. كما أنه حسب تصريحات الجيش نفسه، تحتاج التعليمات العسكرية الحالية المتعلّقة بحوادث عنف يتورّط فيها مدنيون إسرائيليون إلى “تحديث وتغيير وإعادة نظر”.
يتجلّى التساهل مع هذه الظاهرة مثلا في أنه حتى صدور تقرير “ييش دين” لم يتمّ تقديم سوى جندي واحد فقط للمحاكمة بتهمة الوقوف على الحياد، وحتى هذا تمّ ضمن محاكمة تأديبية لا جنائية. يوصي التقرير بمعالجة الظاهرة على الصعيد الجنائي وتعريفها كمخالفة جنائية في قانون القضاء العسكري، وبالتالي فرض عقوبة رادعة على من يرتكبها من جنود وضباط.