“مُجتمعات مُهجرّة، أناسٌ منسيون” هو منتج مشترك لييش دين وأطباء من أجل حقوق الإنسان. يتناول التقرير الأحداث التي أدت إلى التهجير القسري لمئات العائلات الفلسطينية من منازلها في الضفة الغربية. في أعقاب سياسة تنتهجها إسرائيل وعنف المستوطنين، في غضون أقل من سنتين تم إخلاء نحو 100 ألف دونم من الأراضي شرقي شارع ألون بالكامل تقريبًا من السكان الفلسطينيين التي عاشوا فيها طوال عقود.
لم يكن هذا رحيلًا طوعيًا بل نقل قسري إثر عدة عوامل متداخلة: القمع المؤسسي لسنين طويلة، عنف جسدي يوميّ، إرهاب نفسي غازي وضرر اقتصادي خطير. أدت جميع هذه الأمور إلى فقدان الأمان الشخصي، تآكل متواصل للحصانة الجماهيرية وتفكيك نسيج الحياة المشترك لسبع تجمعات رعويّة فلسطينية، التي اضطرت للرحيل من الأراضي التي اعتبرتها بيتًا لها.
اعتبرت السلطات الإسرائيلية هذه البلدات غير مُعترفة ونكّلت بسُكانها طوال سنين، لكن نقطة التحوّل جاءت بعد أن أنشأ المستوطنون بؤر مزارع استيطانية بالقرب من هذه التجمعات. تعاظم العنف القادم من بؤر المزارع الاستيطانية في آخر سنتين، خلقت بيئة لا تُتيح العيش أو الحياة للمجتمعات الرُعويّة الفلسطينية وعمليًا تطردهم وتهجّرهم من منازلهم.
رغم أنه على المستوى الرسمي تتنصل إسرائيل من أفعال المستوطنين بادعاء أن البؤر الاستيطانية غير شرعية، من الناحية العملية تدعمها وتستفيد من ثمار العنف ضد الفلسطينيين، مما يساعد على تحقيق الأهداف التي تريدها الدولة. بهذا الشكل، تمسّ إسرائيل بشكل منهجي ومتواصل بحقوق المُجتمعات الرُعوية الفلسطينية في الضفة الغربية، بينها الحق بالحياة والأمان، الحق بالصحة، الحق بحرية التنقّل والحركة، الحق بالملكية الخاصة، الحق بالتزرّق وكسب العيش، والحق بالكرامة.
يخلص تقرير “مُجتمعات مُهجرّة، أناسٌ منسيون” إلى الاستنتاج الأساسي بأن اسرائيل تتحمل مسؤولية ارتكاب جريمة حرب النقل القسريّ للفلسطينيين في الضفة الغربية، الجارية بدعمها، من قبل مُرسَليها أو مواطنيها. علاوة على ذلك، تدخّل الدولة الكبير، أساليب عملها، منهجيّة هذه الأفعال وتكراريّتها في مواقع مُختلفة، تقود إلى استنتاج لا بُد منه أنه في بعض مناطق الضفة الغربية تنفّذ اسرائيل مُمارسات التطهير العرقي ضد الفلسطينيين.
“مُجتمعات مُهجرّة، أناسٌ منسيون” هو دراسة حالة فاحصة تتناول منطقة محدودة فقط. ومع ذلك، تُطبق إسرائيل السياسة ذاتها وذات أساليب ونهج المستوطنين في مناطق أخرى من الضفة الغربية. مما يطرح التخوّف من أن تتحوّل أنماط العمل هذه، التي أدت إلى النقل القسريّ لتجمعات فلسطينية كثيرة، إلى استراتيجية سلطوية طويلة الأمد من التطهير العرقي للفلسطينيين، أقلّه من أراضي المنطقة C، التي تشكّل نحو 60% من أراضي الضفة الغربية.
في تموز/ يوليو 2024، قضت محكمة العدل الدولية بأن استمرار الوجود الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، وأن الممارسات المختلفة التي تنتهجها إسرائيل تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة C. يجب أن تستخدم هذه المقولة كخطة عمل للمجتمع الدولي بمواجهة دولة إسرائيل.
تدعو منظمة ييش دين ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى التصرف وفقًا للقانون الدولي بطريقة نشطة وفعالة تجاه إسرائيل، ومطالبتها الوفاء بمسؤوليتها القانونية لحماية السكان الخاضعين للاحتلال، مع التركيز على المجتمعات الرعوية. يتوجب على إسرائيل ضمان الحقوق الأساسية للسكان الفلسطينيين، ومنع استمرار النقل القسري، إزالة البؤر الاستيطانية العنيفة والسماح للمجتمعات الرعوية الفلسطينية بالعودة الآمنة إلى ديارهم.