في خريف عام 1998 اقتحمت زمرة من المدنيين الإسرائيليين التل رقم 799 المحاذي لقرى ترمسعيا، المغير، جالود وقريوت، وأقامت بؤرة استيطانية سُمّيت لاحقا “عدي عاد”. رغم إقامة البؤرة بشكل غير قانوني ودون تصريح من الحكومة، إلى أن السلطات والوزارات الحكومية ساهمت بطرق مختلفة في إقامتها. تقرير “مسار النهب” هو التقرير الأول من نوعه الذي تنشره منظّمة “ييش دين”، ويستعرض قضية البؤرة الاستيطانية عدي عاد كحالة دراسية تمثل العلاقة بين فشل الجهات المؤتمنة على تطبيق القانون وحماية الفلسطينيين وممتلكاتهم، وبين تجريد الفلسطينيين من أراضيهم. يبدأ المسار بانعدام تطبيق القانون بشكل فعّال على مدنيين إسرائيليين، على الصعيدين الجنائي والإداري، وينتهي بفقدان أصحاب الأراضي الفلسطينيين لقدرتهم على فلاحة أرضهم والاسترزاق منها.

منذ إقامتها تشكّل البؤرة الاستيطانية عدي عاد مصدرا للعنف الموجّه ضد مواطني القرى الفلسطينية المجاورة. مع نصب أول كرفان على الأرض تمّ ارتكاب عشرات المخالفات الجنائية والإدارية في موقع البؤرة والمنطقة المحيطة به. غير أن الجهات المخوّلة بفرض القانون، لا ترد بالشكل المناسب على هذه المخالفات. وتقع المسؤولية عن التقصير في فرض القانون على عدة أطراف هي: الجيش الإسرائيلي المخوّل بمعالجة المخالفات الإدارية التي تشمل البناء غير القانوني واقتحام الأراضي الزراعية؛ وشرطة لواء شاي المسؤولة عن معالجة المخالفات الجنائية التي تشمل مخالفات العنف، التعدّي على الممتلكات والاستيلاء على الأراضي. من واجب الشرطة العمل على منع المخالفات، العثور على الجناة واستنفاذ التحقيقات لتفضي إلى تقديم لوائح اتهام ضد المشتبه بهم.

مع أن البؤرة الاستيطانية تعتبر استيطانًا غير شرعي، كما يعتبر البناء فيها والتواجد في منطقته خرقًا للقانون، إلا أن دولة إسرائيل تهتمّ بضمان أمن وسلامة سكانه، بواسطة الجيش الإسرائيلي. وتشمل الحماية التي يوفّرها الجيش حراسة حدود المنطقة المبنية للبؤرة، وإقامة منطقة عازلة هدفها منع الاحتكاكات بين سكان البؤرة والجيران.

أدّت إقامة عدي عاد إلى إعلان الجيش الاسرائيلي عن مناطق واسعة كمناطق يُحظر دخول الفلسطينيين إليها، وعن أراض زراعية أخرى كمناطق يُسمح للمزارعين الفلسطينيين بدخولها فقط بتصريح من الجيش وبالتنسيق المسبق معه. كما تحوّلت مناطق أخرى إلى مناطق غير متاحة للفلسطينيين في أعقاب وقوع حوادث عنف، تنكيل وتهديدات من قبل مدنيين إسرائيليين. النتيجة هي منع الكثير من المزارعين الفلسطينيين من فلاحة أراضيهم، أو فلاحتها بشكل جزئي وغير متواصل.

عدي عاد هي نموذج واضح للفشل في تطبيق القانون على مدنيين إسرائيليين في الضفة الغربية. بدل اتّخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الانتهاكات واستنفاذ كل الإمكانيات التي ينصّ عليها القانون، تمتنع السلطات عن تفعيل الأدوات المتاحة لها ولا توفر للمدنيين الفلسطينيين الحماية اللائقة لأرواحهم وممتلكاتهم.

وثائق وصلتنا من مديرية الاستيطان بعد الانتهاء من كتابة التقرير

بعد الانتهاء من كتابة التقرير وأثناء إعداده للطباعة، وصلتنا من مديرية الاستيطان وثائق لم تكن بحوزتنا (ولم نعرف أصلا بوجودها)، وبسبب رفض المديرية طلبنا الكشف عن معلومات أثناء كتابة التقرير، تعذّر علينا التطرّق إليها في التقرير. في نهاية المطاف نُقلت الوثائق إلينا عن طريق مديرية الاستيطان على أثر إجراء قانوني بادرنا إليه (التماس بموجب قانون حرية المعلومات). ليس في هذه الوثائق ما يغيّر الصورة العامة التي تظهر في التقرير بشأن شرعية تخصيص الأرض في منطقة البؤرة الاستيطانية عدي عاد. فيما يلي قائمة بالوثائق المركزية التي وصلتنا من المديرية وتعقيبنا عليها بالاختصار المتوخّى:

1. اتفاقية سماح بالتخطيط بين حارس الأملاك الحكومية والمتروكة في يهودا والسامرة وبين مديرية الاستيطان في الهستدروت الصهيونية العالمية – سبق أن حازت “ييش دين” على عقد اتفاقية سماح بالتخطيط بين الحارس والمديرية، والذي وصلنا بعد توجّهنا للحارس بموجب قانون حرية المعلومات. الاتفاقية التي تسلّمناها من المديرية ليست نفس الاتفاقية التي وصلتنا سابقا من الحارس. يدور الحديث في الظاهر عن اتفاقية سماح بالتخطيط تتعلّق بنفس المنطقة، ولكن بيدنا الآن اتفاقيتان بنفس الخصوص، دون إمكانية القرار أيّ منهما الملزمة، هذا إن اعتبر أيٌّ منهما ملزمةً أصلا. تختلف الاتفاقيتان عن بعضهما البعض في عدة تفاصيل، أهمّها ما يلي:

فترة السماح بالتخطيط – يحدّد عقد الاتفاق الذي تسلّمناه من الحارس بأن فترة السماح هي سبع سنوات، ابتداءً من 13 كانون ثان 1998 وحتى 12 كانون ثان 2005؛ بينما ينصّ الاتفاق الذي وصلنا من المديرية على فترة سنتين، ابتداءً من 13 كانون ثان 1998 وحتى 12 كانون ثان 2000.

تاريخ تحرير وتوقيع عقد الاتفاق – تمّ تحرير وتوقيع العقد الذي تسلّمناه من الحارس في تاريخ 24 تشرين ثان 2002، أي بأثر رجعي، بعد أربع سنوات من بدء سريان فترة العقد وإقامة البؤرة الاستيطانية؛ بينما تمّ تحرير وتوقيع العقد الذي تسلّمناه من المديرية في تاريخ 26 كانون أول 1998.

2. رسالة من حارس الأملاك الحكومية والمتروكة لمديرية الاستيطان بشأن تجديد اتفاقية السماح بالتخطيط، 19 تشرين ثان 2012 – تدّعي المديرية أن الرسالة تمدّد فترة السماح بالتخطيط إلى 49 عاما. الرسالة مؤرّخة في 18 تشرين ثان 2012، بالضبط بعد شهر من توجّه “ييش دين” برسالة إلى المديرية للحصول على رد فعلها على النقاط الرئيسية المتعلّقة بالمديرية الواردة في التقرير. حتى وإن صحّ أن الرسالة تعتبر تمديدا لفترة السماح، إلا أن الحديث هو عن تمديد عقد اتفاق غير ساري المفعول منذ سنوات (سبع سنوات على الأقل وعشر سنوات على الأكثر، حسب نص العقدين المذكورين أعلاه)، كما ان الغاية من السماح بالتخطيط هي فلاحة الأرض فقط، وليس للاستيطان. علاوة على ذلك، يعتبر تمديد فترة السماح بالتخطيط إلى 49 عاما أمرًا خارجًا عن المألوف.

3. نسخة عن مصادقة الحارس على الأملاك الحكومية والمتروكة على طلب المديرية بتحويل الهدف من السماح بالتخطيط في المنطقة المسمّاة “شيلو شرق كتسيف” لأغراض الفلاحة، 29 شباط 2000.

4. ملخّص موقف مديرية الاستيطان من وجهة نظر المحامية طاليا ساسون.

في الالتماس بالعبرية توجد وثائق ذات صلة بالموضوع باللغة العبرية