أقام مستوطنون إسرائيليون عام 2000 البؤرة الاستيطانية “متسبيه كراميم” دون موافقة الحكومة، دون خارطة هيكلية ودون تراخيص بناء. أقيمت البؤرة الاستيطانية على أرض مسجّلة بملك فلسطيني خاص، وخارج حدود الأمر العسكري بوضع اليد والذي أقيمت مستوطنة “كوخاف هشاحار” في حدوده في منطقة أعلن عنها الجيش “منطقة عسكرية مغلقة”. في تموز 2022 وبعد أكثر من عشرة أعوام من الإجراءات القانونية والتي كانت منظمة “ييش دين” جزءاً من هذه الإجراءات بصفة “أصدقاء للمحكمة“، شرّعت محكمة العدل العليا بإثر رجعي البؤرة الاستيطانية غير القانونية “متسبيه كراميم” وأقرت بعدم إخلاءها.
تُكمل ورقة الموقف هذه التقرير “بنوايا غير حسنة- البؤرة الاستيطانية غير القانونية “متسبيه كراميم” ومحاولات شرعنتها” عن طريق عرض ظروف إنشاء البؤرة الاستيطانية غير القانونية وتحليل قرار محكمة العدل العليا الذي أدى لشرعنتها. اعتمد القضاة في قرارهم على مادة في القانون العسكري (المادة رقم 5 من أمر الممتلكات الحكومية 59) وبحسبه، في حالة تم نقل ملكية على الأرض من الوحدة العسكرية المسؤولة عن الأراضي في الضفة الغربية بنوايا حسنة، من الممكن أخذ الحقوق على الأرض من أصحابها الفلسطينيين وإعطاءها للمستوطنين.
قرار محكمة العدل العليا هذا له أبعاد كثيرة: من الممكن أن يجعل قرار المحكمة ادعاء حسن النيّة آلة بيد السلطات في إسرائيل يمكن استخدامها للشرعنة بأثر رجعي لآلاف المباني الإضافية التي بُنيت في المستوطنات والبؤر الاستيطانية على أراضي فلسطينية خاصة. يتناقض قرار محكمة العدل العليا بشأن “متسبيه كراميم” مع الإطار القانوني الذي كان موجوداً في الضفة الغربية حتى الآن والذي يمنع إقامة المستوطنات على الأراضي الفلسطينية الخاصة. يتناقض هذا القرار أيضاً مع القانون الدولي بشأن واجب القوة المحتلّة بحماية الممتلكات الخاصة للمواطنين تحت الإحتلال.
قرار أغلبية قضاة محكمة العدل العليا يخدم فقط جمهور المستوطنين، وذلك على حساب حقوق الفلسطينيين أصحاب الأراضي. ينتمي المستوطنون لجمهور يستمتع من جهاز السيادة اليهودية الذي يعطيهم فائض من الحقوق والامتيازات على حساب الفلسطينيين، الذين ينتمون لجمهور يعاني من التمييز المستمر وانعدام الحقوق السياسية. من هذه الناحية، يؤكد قرار المحكمة بشأن “متسبيه كراميم” حكم الفصل العنصري (الأبارتهايد) الإسرائيلي في الضفة الغربية، ويساعد على استمراره.