تقرير شامل نشرته منظّمة “ييش دين” بعنوان “قانون في الظاهر: تطبيق القانون على مدنيين إسرائيليين في الضفة الغربية”، يلخّص نتائج المتابعة المتواصلة التي تجريها المنظمة بشأن معالجة جيش الدفاع الإسرائيلي وشرطة لواء شاي لأعمال عنف يرتكبها مدنيّون إسرائيليون بحقّ فلسطينيين. تشير الاستنتاجات الصعبة الواردة في التقرير إلى أن قبل سلطات تطبيق القانون الإسرائيلية تمتنع بشكل منهجي عن تطبيق القانون على مدنيين إسرائيليين يعتدون على فلسطينيين في الضفة الغربية وعلى ممتلكاتهم.
أعمال العنف التي يمارسها مدنيون إسرائيليون بحقّ مدنيين فلسطينيين وممتلكاتهم، هي ظواهر يومية في المناطق المحتلة معروفة منذ سنوات طويلة. ولكن ما تبيّن في التقرير هو الإخفاقات الخطيرة في كل مراحل عملية تطبيق القانون التي فحصها التقرير. في مرحلة ارتكاب المخالفة شوهدت في أحيان كثيرة ظاهرة الوقوف على الحياد، أي تجاهل الجنود الذين وقع اعتداء المدنيين الإسرائيليين بحضورهم، وانعدام الخبرة لدى الجنود في توقيف المشبوهين وتسليمهم للشرطة؛ في مرحلة تقديم الشكوى يتم وضع عقبات طبيعية وبيروقراطية كبيرة أمام الفلسطينيين الذين يبغون تقديم شكاوى.
الأمر الخاص في هذا التقرير أنه يكشف للمرة الأولى وبصورة علنية الإخفاقات والأخطاء التي تنطوي عليها مرحلة التحقيق في الشكاوى المقدّمة إلى شرطة لواء شاي، وهو اللواء المسؤول عن التحقيق في مخالفات يرتكبها إسرائيليون في الضفة الغربية. ويعتبر هذا اللواء أكبر لواء في الشرطة مساحةً، غير أنه يعاني من النقص في الموارد البشرية والمالية: فقط 5.67% من قوات شرطة إسرائيل خدموا فيه حتى موعد نشر التقرير، وتشكّل ميزانيته 2.5% فقط من ميزانية الشرطة الإجمالية. كما يعاني اللواء من مجموعة من المشاكل البنيوية الأخرى، بما فيها تواجد اللواء في منطقة محتلة، حيث يمثّل الجيش صلاحيات السيادة، ويؤدي خضوع لواء شاي للجيش في بعض الأحيان إلى تدخّل ضباط الجيش أو رجال الإدارة المدنية في تحقيقات الشرطة.
فحص التقرير 92 قضية تم التحقيق فيها وتابعت “ييش دين” تطورات الوضع فيها، معظمها من الأعوام 2005-2006، وبعضها من سنوات سابقة، ووجد أنه في أكثر من 90% من الشكاوى والقضايا التي انتهى التحقيق فيها لم يتمّ تقديم لوائح اتهام؛ وكذلك الأمر في 96% من القضايا المتعلّقة بتجاوز الحدود (وتشمل قضايا اعتداء على أشجار) انتهى التحقيق فيها؛ وأيضا في 100% من قضايا الأملاك التي أُغلق التحقيق فيها، وفي 79% من قضايا الاعتداء التي تم إغلاقها؛ وليس هذا فحسب، بل فقدت الشرطة حوالي 5% من ملفات التحقيق التي نظرت فيها.
أشار التقرير إلى مجموعة من الأخطاء التي جرى توثيقها على مدى سنوات من قبل متطوعي وعاملي المنظمة، وبينها: عدم التحقّق من ادّعاء مشبوهين بالتواجد في مكان آخر وقت وقوع المخالفة؛ إغلاق قضايا دون محاكمة رغم تراكم مواد التحقيق التي تستوجب المحاكمة؛ مضمون ملفات التحقيق قليل جدا، الأمر الذي يشير إلى الاستعجال في إغلاق الملف بعد وقت قصير من تقديم الشكوى.