“الإدارة المدنيّة” هي وحدة عسكريّة مسؤولة عن تطبيق السّياسات المدنيّة الإسرائيليّة في الضّفة الغربيّة. الصّلاحيات الواسعة للإدارة المدنيّة تعنى بمعظم مجالات الحياة في المناطق المحتلّة: تصاريح تنقّل وعمل؛ بنى تحتيّة- مياه، كهرباء، مواصلات واتصالات؛ صحة؛ تربية ورفاه؛ أراضٍ، تخطيط وبناء؛ سجل السّكان؛ زراعة وتجارة وصناعة؛ جودة البيئة؛ الآثار والمحميّات الطبيعيّة.
ورقة الموقف الجديدة التي نشرتها “ييش دين” بعنوان “في نظر المصلحة الإسرائيلية: الإدارة المدنية بالضفة الغربية”، توضّح أنه بالرغم من أن القانون الدّولي يلزم القائد العسكري في المناطق المحتلّة بالحفاظ على مصالح السّكان القابعين تحت الاحتلال، إلّا أن الإدارة المدنيّة تُستخدَم عمليًا كأداة للسيطرة ولقمع الفلسطينيين في الضّفة الغربيّة.
وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق المحتلّة (المنسّق) حددت أن إحدى وظائف الإدارة المدنيّة هي: “استهلال وتطوير مسارات لإعادة تشكيل المنطقة من منظور المصلحة الإسرائيلية”. بهذا يعترف الجيش بشكل واضح بخرقه لواجباته كقيّمٍ على المنطقة المحتلّة، بحيث يتوجّب عليه العمل على تعزيز مصلحة السكّان. إضافة لذلك، وكما يظهر في ورقة الموقف، توجد في الإدارة المدنيّة تدخلات وحسابات غريبة وغير مقبولة، كما وأن الإدارة المدنيّة تتصرف بشكل لا يتلائم مع قرار محكمة العدل العليا الذي ينص على أن القائد العسكري، الذي أعطى الإدارة المدنيّة صلاحيات إدارة الحياة المدنيّة في الضفة، ليس مخوّلًا بالأخذ بعين الاعتبار المصالح القوميّة والاقتصاديّة والاجتماعية لدولته، ما عدا المصالح الأمنيّة.
تعرض ورقة الموقف ستة مجالات خاضعة لمسؤولية الإدارة المدنيّة، وتمثّل هذه المجالات نماذجًا لصلاحيات الإدارة المدنيّة والتأثير العميق على الحياة في الضفة الغربيّة: نظام التّصاريح؛ الشوارع؛ الأراضي، بناء وتطبيق القانون، الآثار والمحاجر.
تدارس هذه المجالات الستّة من منظور شموليّ يدل على عمل ممنهج: من جهة، الإدارة المدنيّة هي آلية للقمع والسيطرة على الفلسطينيين في الضفة الغربية، ومن جهة أخرى، إنّها أداة سياسيّة تهدّف إلى تعزيز سياسات الاستيطان الإسرائيليّة في المناطق المحتلّة؛ ومأسسة الفصل بين مجموعات سكّانيّة على خلفية عرقيّة- قوميّة إلى جانب التمييز والاستغلال؛ وكذلك ممارسة السرقة والإستيلاء تجاه الفلسطينيين سكان الضفة الغربيّة، بالإضافة إلى الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان.