بعد 15 عامًا من توثيق فشل جهاز إنفاذ القانون الإسرائيليّ في حماية الفلسطينيين من المواطنين الإسرائيليين المسيئين لهم، تدعو منظّمة ييش دين المجتمع الدوليّ للتدخّل
الحوادث الجنائيّة التي يسيء خلالها مواطنون إسرائيليون (مستوطنون وغيرهم) لمواطنين فلسطينيين ولممتلكاتهم أصبحت أمرًا روتينيًّا في الضفة الغربيّة. قامت منظّمة “ييش دين” منذ إقامتها في عام 2005 بتوثيق قرابة 2000 حادثة عنف، اعتداء، تخريب ممتلكات، إضرام نار، قطع وتخريب أشجار زيتون، الاعتداء على مساجد، الاستيلاء على أراضٍ وغير ذلك. مع مرور 15 عامًا على هذا المشروع، أصبحت لدينا قاعدة بيانات غنيّة تتيح المجال لتحليل واقع إنفاذ القانون تجاه المواطنين الإسرائيليين المسيئين لمواطنين فلسطينيين.
بعد 15 عامًا من رصد وتتبّع معالجة سلطات القانون لشكاوى فلسطينيين تضرّروا من مواطنين إسرائيليين، يتضح أنّ هناك فشل جهازيّ عميق ومستمر في إنفاذ القانون في الضفة الغربيّة وأنّ دولة إسرائيل لا تفي بواجبها لحماية السكان الفلسطينيين في الأراضي الواقعة تحت سيطرة عسكريّة إسرائيليّة، بموجب القوانين الإسرائيليّة والقانون الدوليّ.
القاسم المشترك لجميع المخالفات التي يتم التحقيق فيها في هذه الملفات هي أنّها ارتُكبت على خلفية أيديولوجيّة. يهدف مرتكبوها إلى ترهيب الضحايا لإبعادهم عن أراضيهم والاستيلاء عليها بغية توسيع المشروع الاستيطاني وتعزيز السيطرة الإسرائيليّة على أراضي الضفة الغربيّة وطرد الفلسطينيين منها. مع أنّ العديد من هذه المخالفات تُرتكب على يد أفراد، إلّا أنّ الاستيلاء على الأراضي يحظى بالترحيب من قِبل أصحاب المراتب السياسيّة العليا، الذين يمنحونها أحيانًا شرعية قانونيّة.
التقى طاقم منظّمة ييش دين على مرّ السنين بالعديد من متضرّري هذه المخالفات من الفلسطينيين بغية توثيق الوقائع وحيثياتها. من بين متضرّري هذه المخالفات، قمنا بمساعدة المعنيين على تقديم شكاوى لدى الشرطة،تابعنا سير معالجة الشكاوى في الهيئات التحقيقيّة والقضائيّة وقدّمنا مرافقة واستشارة قانونيّة.
في الفترة ما بين 2005 وتموز 2019، قرّر متضرّرو المخالفات في 1291 واقعة تقديم شكوى لدى الشرطة. فضّل مئات المتضرّرين الآخرين عدم تقديم شكوى لدى الشرطة والاكتفاء بالإدلاء بشهاداتهم أمام طاقم ييش دين بغية التوثيق، وقد نبع ذلك غالبًا عن عدم ثقتهم بقدرة ورغبة جهاز إنفاذ القانون في إسرائيل في معالجة شكاويهم بجدية. نتجت عن تتبّع سير معالجة ملفات التحقيق هذه عيّنة واسعة النطاق، تمّ على أساسها التوصّل إلى المعطيات التالية:
- حوالي 91% من الملّفات أغلقت عند انتهاء التحقيق دون تقديم لائحة اتهام.
- من بين ملفات التحقيق التي أغلقت، %82 أغلقت في ظروف تدلّ على إخفاق محقّقي الشرطة في التحقيق وحلّ لغز الملفات. الغالبية العظمى من الملفات أغلقت بتسويغ أنّ “الفاعل مجهول” و “لنقص الأدلة الكافية”، ممّا يدلّ على إنّه بالرغم من الاعتراف بارتكاب مخالفة، إلّا أنّ الشرطة لم تنجح في إيجاد المشتبه بهم، أو أنّها فعلت ذلك، ولكن المحقّقون لم يجمعوا أدلة كافية لتقديم لائحة اتهام ضدهم وتقديمهم للمحاكمة.
15 عامًا من التوثيق للعجز الصارخ والمستفحل لسلطات إنفاذ القانون في إسرائيل أمام ظاهرة البلطجة الأيديولوجيّة جعلتنا نستنتج أنّ دولة لا تستطيع، أو لا تريد، العمل بجدية، وبموجب واجباتها القانونيّة، للقضاء على آفة العنف والاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم.
لذلك، نعتقد أنّه يتوجّب على المجتمع الدوليّ، الذي يقع على عاتقه هو أيضًا واجب حماية حقوق المواطنين الفلسطينيين القابعين تحت وطأة الاحتلال، التدخّل واتخاذ التدابير اللازمة لضمان حماية الفلسطينيين، وهو الأمر الذي لا تفعله إسرائيل.