تستعرض ورقة الموقف التي نشرتها ييش دين بعنوان “جريمة بلا عقاب”، تعامل سلطات تطبيق القانون الإسرائيلية بشأن المخالفات الجنائية المتعلقة بالبناء غير القانوني في المستوطنات والبؤر الاستيطانية بالضفة الغربية، مع التركيز على انتهاك القوانين الإدارية والقضائية. ويظهر من ورقة الموقف أن أجهزة تطبيق القانون تفرّط في وظيفتها بشكل منهجي وشامل: فهي لا تحاكم الجناة ولا تطبّق تعليمات القانون الجنائي بشأن هذه المخالفات. من خلال تقصيرها هذا في أداء ما هو مطلوب منها، تساهم أجهزة تطبيق القانون في المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية.

يستمر البناء غير القانوني الذي يمارسه إسرائيليون في الضفة الغربية منذ حوالي 50 عامًا. خلال هذه المدة تمّ بناء مئات وآلاف المباني والشوارع في المناطق المحتلة ضمن التعدّي على حدود الغير، ونهب الأراضي وارتكاب شتّى أنواع المخالفات لقوانين التنظيم والبناء الإسرائيلية. ويمنع هذا العمل الإجرامي الفلسطينيين من الوصول لأراضيهم، وينتهك العديد من حقوق الأساس المكفولة لهم، وعلى رأسها الحق بالتملّك.

في أحيان كثيرة تُصدر الإدارة المدنية أوامر بوقف أعمال البناء وأوامر بهدم المباني غير القانونية، ولكن على أرض الواقع لا يتمّ تنفيذ معظم هذه الأوامر، مما يشير إلى أن سيادة القانون قائمة في الظاهر فحسب. ويدفع هذا الأمر العديد من أصحاب الأراضي الفلسطينيين للالتماس لمحكمة العدل العليا طلبًا بأن تصدر المحكمة أوامرها للدولة بتنفيذ أوامر وقف البناء وهدم ما تمّ بناؤه دون تصريح وبشكل منافٍ للقانون. في بعض هذه الالتماسات أصدرت المحكمة أوامر احترازية تحتّم على الدولة تجميد الوضع إلى حين صدور قرار حكم في الالتماس، ولكن حتى هذه الأوامر تنتهك بفظاظة في أحيان كثيرة.

تستعرض ورقة المعطيات الجديدة عدة حالات اختبارية امتنعت فيها سلطات تطبيق القانون عن القيام بواجبها ومحاكمة الجهات التي أخلّت بالأوامر الإدارية أو القضائية، وذلك رغم انتقاد قضاة محكمة العدل العليا وحتى مراقب الدولة. وترى منظّمة ييش دين أنه دون تطبيق القانون الجنائي ومحاكمة المتهمين ومعاقبة الجناة، تُفتقد قوة الردع الحقيقية التي يمكنها ردع الجهات المخالفة للقانون، مما يشجّعها على الاستمرار في ارتكاب المزيد من المخالفات.