المحكمة العليا 9212/18، إبراهيم رشيد أحمد عالم وآخرون ضد المحامية نحاما زوسمان من قسم الاستئنافات في النيابة العامّة وآخرين

موعد تقديم الاستئناف: 30.12.2018

قدّم إبراهيم عالم من سكان قرية كفر ثلث بالتعاون مع منظّمة ييش دين التماسًا ضد محامي قسم الاستئنافات في النيابة العامة للدولة وضد شرطة السامرة، مطالبان بإعادة فتح ملف التحقيق على إثر شق طريق غير قانونيّة في أرض إبراهيم عالم وإجراء تحقيق معمّق في الملّف، بما في ذلك حول تورّط المنسّق الأمني العسكري.

في كانون الأول 2014، اكتشف ابراهيم عالم، من سكّان قرية كفر ثُلث، أنّه تُجرى في أرضه أعمال بغية شق طريق للربط بين ألمتان (التي كانت حتى ذلك الحين بؤرة استيطانيّة غير قانونيّة) ومستوطنة معاليه شومرون. شُقّت الطريق خلافًا للقانون، بحيث تم اقتحام الأرض الخاصّة بعالِم. على إثر هذه العملية والضرر الذي لحق بأشجار الزيتون التي كانت مزروعة في قطعة الأرض، ببئر الماء وبالأرض نفسها بسبب استخدام معدّات ثقيلة، قدّم عالِم شكوى لدى الشرطة.

وفقًا للشهادة التي أدلى بها عالِم لدى الشرطة، شارك في عملية الاقتحام المنسّق الأمنيّ العام لمستوطنة معاليه شومرون، الذي أصدر أوامره للجنود الذين تواجدوا في المكان، وقام بتأمين هذه العملية غير القانونيّة. المنسّق الأمنيّ العام هو جهة أمنيّة ذات صلاحيات أمنيّة محدودة معطاة من قبل قائد قوات الجيش الإسرائيليّ في الضفة الغربيّة (للتوسّع حول المنسّقين الأمنيين العامين في الضفة الغربيّة، انظروا تقرير منظّمة ييش الدين الفضاء المتوحش.)

أُغلقَ ملف التحقيق في الشرطة بعد 18 شهر، دون إجراء أي تحقيق جذريّ. في أعقاب ذلك، قدّم عالِم، بدعمٍ من منظّمة ييش دين، استئنافًا على قرار إغلاق الملف، حيث وُجّه نقد حاد على قرار إغلاق الملف بحدّ ذاته، وعلى إغلاقه “لعدم وجود تهمة جنائيّة”. الادّعاءات المركزيّة في الاستئناف تطرّقت إلى الإخفاقات الجادّة في التحقيق في الملف.

بعد محاولات استغرقت شهور لاستيضاح ما آل إليه الاستئناف، أعلنت الشرطة أنّ ملف التحقيق انتقل إلى شرطة التحقيقات العسكريّة. جميع المحاولات التي بذلناها لفهم سبب نقل ملف التحقيق لشرطة التحقيقات العسكريّة- وهي جسم مسؤول عن التحقيقات المتعلّقة بالجنود وليس المدنيين-  باءت بالفشل. بالإضافة إلى ذلك، قدّمت شرطة لواء السامرة معلومات مضللة وخاطئة بادّعائها أنّ صلاحية التحقيق مع المنسقين الأمنيين العاميين هي من صلاحيات شرطة التحقيقات العسكريّة وليس الشرطة، وهذا غير صحيح. كما جاء إعلاه، المنسّقون الأمنيون العامّون هم مدنيّون، والجسم المسؤول عن التحقيق في المخالفات الجنائيّة التي ارتكبوها كان، وما زال، شرطة إسرائيل.

في أعقاب هذه الأحداث، طالبنا بالاطّلاع على مواد التحقيقات لفحص إمكانية تقديم استئناف على قرار إغلاق ملف التحقيق في الشرطة. لم نتلق بعد أي ردّ على مطلبنا هذا، على غرار ما حدث لمطالب أخرى قدّمناها في السابق، ولكن في مكالمة هاتفية أجريناها في هذا الصدد، أشار المستشار القانونيّ لشرطة لواء السامرة،  المفوّض غيل ديشه، إلى أنّ “الشرطة لم تَجر أي تحقيق في هذا الملف بعد تقديم الاستئناف”. وقد أشار أيضًا إلى أنّ جميع رسائلنا تُلقى في حاوية النفايات.

على إثر ذلك، قدّمنا استئنافًا إضافيًا على قرار  إغلاق الملف في الشرطة دون إجراء أي تحقيقات أخرى لبلورة قاعدة وقائعية حول تورّط المنسّق الأمنيّ العام في عملية شق الطريق. رفضت الشرطة معالجة الاستئناف والامتثال للقوانين التي تلزمها بتحويله إلى قسم الاستئنافات في النيابة العامّة. لذلك، اضطرننا لتحويله مباشرةً لقسم الاستئنافات، والذي أعلمنا في نهاية المطاف بقرار رفض الاستئناف وعدم إلزام الشرطة باستكمال التحقيق.  في القرار الصادر عن قسم الاستئنافات، لم يتم التطرّق البتّة إلى الادّعاءات العديدة الواردة في الاستئناف، خاصة الادّعاء المركزيّ بأنّ الملف أغلقَ دون إجراء أي تحقيق. خَلَصَ قسم الاستئنافات إلى أنّ “الحديث يدور حول واقعة ذات طابع مدنيّ، والتي يمكن استيضاحها […] في إطار إجراء مدنيّ”، وأنّه لا داع لمتابعة معالجة الأمر بواسطة إجراء جنائيّ.

ردًا على رد قسم الاستئنافات، قدّمنا للمحكمة العليا في تاريخ 30.12.2018 التماسًا ضد قرار الشرطة بعدم التحقيق في تورّط المنسّق الأمنيّ العام في شقّ الطريق، وضد قرار قسم الاستئنافات في النيابة العامّة برفض الاستئناف الذي قُدّم بخصوص إغلاق الملف.

الادّعاء الرئيسيّ في الالتماس هو أنّه لا يمكن قبول القرار بإغلاق ملّف تحقيق دون الاستناد إلى قاعدة وقائعيّة ما، والتي لا يمكن بلورتها إلا من خلال إجراء تحقيق. بالنسبة لرفض الاستئناف، جاء أنّ اتّخاذ قرار الرفض دون التطرّق إلى ادّعائنا الرئيسيّ حول عدم إجراء أي تحقيق، وتعليل الرفض بالقول إنّ الواقعة هي ذات طابع مدنيّ وليس جنائيّ- هو قرار غير منطقيّ إطلاقًا.

في تموز 2019، قدّمت الدولة ردًا أوليًا على الالتماس. أقرت الدولة بأنّ قرار الشرطة بإغلاق الملف بتسويغ “عدم ارتكاب جرم جنائي” كان خاطئًا، بل وحدّدت بأنّه توجّب على الشرطة استكمال التحقيق في الواقعة لأنّ عمل المنسق الأمني العسكري الذي قدّمت ضده الشكوى أوقف في عام 2017 بسبب أدائه في هذه الواقعة، من جملة أسباب أخرى.

رغم الاعتراف بالإخفاق بمعالجة الشكوى، ادعت النيابة أنّه بسبب مرور وقت طويل، يصعب استيضاح الحقائق المرتبطة بالواقعة، ولذلك، لا جدوى من إعادة فتح التحقيق.

في الحكم القضائي الذي صدر في 18.12.19، رفضت المحكمة الالتماس معلّلة رفضها بعدم احتمالية الرد على طلبات الملتمسين. مع ذلك، أقرت المحكمة بأنّ الالتماس كان مبرّرًا ووجّهت نقدًا لاذعًا حول أسلوب معالجة شرطة إسرائيل للشكوى التي قدّمها عالم:

“إذا كان أسلوب معالجة شكوى مقدّم الالتماس تعكس أسلوب معالجة الشكاوى التي يقدّمها السكان الفلسطينيون لشرطة إسرائيل في الضفة الغربية، فإنّ أقل ما يمكن قوله هو أنّ الأمر مقلق. في الواقع، باستثناء تلقي بلاغ مقدّم الالتماس، لم يتّخذ أي تدبير، ويبدو أنّ المعالجة الهامشية للشكوى لم تتعدَ الحدّ الأدنى من واجبات الشرطة قبل إغلاق الملف. إنّ معالجة الشكاوى من هذا النوع يجب أن تدلّ على وجود آذان صاغية وجاهزية حقيقة وناجعة لحماية الممتلكات الخاصة للسكان الفلسطينيين”.