بمناسبة مرور عشر سنوات على نشاطها، نشرت منظّمة “ييش دين” تقريرا بعنوان “تجاوز القانون: تطبيق القانون على مدنيين إسرائيليين بالضفة الغربية”، تلخّص فيه عشر سنوات من متابعتها لتطبيق القانون على مدنيين إسرائيليين يُشتبه في اعتدائهم على فلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية. يسهب التقرير في وصف مَواطن الفشل المختلفة في تطبيق القانون، والتي تؤدي إلى تقديم عدد قليل من لوائح الاتهام وعدد أقل من الإدانات.
كشف التقرير عن الوضع المقلق الذي تشهده منظومة تطبيق القانون بشكل عام، والشرطة بشكل خاص، بكل ما يتعلّق بمعالجتها للإجرام الأيديولوجي (والذي يشمل مخالفات عنف، تعدّي على ممتلكات، استيلاء على أراض وغيرها).
إضافة إلى التقرير نشرت “ييش دين” للمرة الأولى ورقة معطيات تشتمل على نتائج المحاكمات التي تمّت بتهمة ارتكاب جرائم على خلفية أيديولوجية في الضفة الغربية. ومن أهم هذه المعطيات:
- 3% من ملفات التحقيق أُغلقت بسبب فشل محققي الشرطة في العثور على المشبوهين أو في جمع أدلة كافية لتقديم لوائح اتهام.
- فقط 7.4% من ملفات التحقيق التي فُتحت أثمرت لوائح اتهام ضد مشبوهين.
- حوالي ثلث الإجراءات القضائية (32.7%) فقط انتهى بإدانة كاملة أو جزئية للمتّهمين.
- احتمال أن تؤدي شكوى يقدّمها فلسطيني إلى إدانة المتهم يعادل 1.8% فقط.
الهدف من تقرير “تجاوز القانون” هو الكشف عن جذور مشكلة تطبيق القانون في المناطق المحتلة، وفهم أسباب الفشل في التحقيق. الاستنتاج الرئيسي من تحليل مئات القضايا هو أن السبب الرئيسي للفشل في التحقيق هو عدم اتّخاذ الشرطة لإجراءات تحقيق أساسية، وهو قصور قد يرتقي في بعض الأحيان إلى درجة الإهمال الإجرامي.
علاوة على الفشل في التحقيق، تعاني عملية تطبيق القانون في الضفة الغربية من مشاكل بنيوية تعود إلى الأنظمة المتّبعة في الضفة الغربية. إذ يُعتبر الجيش الإسرائيلي المسؤول عن تطبيق القانون في الضفة الغربية، وقام بنقل صلاحياته في هذا المجال إلى الشرطة الإسرائيلية. غير أن تسوية تقاسم الصلاحيات بين الجهازين لم تُستكمل أبدا، كما أن التعاون بينهما يشهد خللا وقصورًا كبيرين. هذه المشاكل نابعة من مجرد وجود نظام احتلال عسكري متواصل ضد مدنيين، وتعتقد “ييش دين” بأن هذه المشاكل لن تُحلّ طالما استمرّ الاحتلال.
يتجلى إفلاس سيادة القانون بالضفة الغربية بشكل واضح في استخدام سلطات تطبيق القانون لأوامر إدارية ضد مدنيين إسرائيليين. في ظل انعدام التحقيق الفعال الذي يمكن أن يفضي إلى تقديم لوائح اتهام، تلجأ هيئات تطبيق القانون إلى “طرق مختصرة” تتيح لهم إبعاد العناصر التي يعتبرونها مثيرة للإشكال، عن الضفة أو تقييد حركتهم. استخدام الأوامر الإدارية هو وسيلة مرفوضة وتتنافى مع سيادة القانون في دولة ديمقراطية، وتشكّل تجاوزا لحق كل مشتبه به في الحصول على إجراء قضائي عادل.