تنتشر على طول وعرض الضفّة الغربيّة 132 مستوطنة رسميّة ونحو 135 مستوطنة غير رسميّة تُسمّى بؤرًا استيطانيّة غير مُرخصّة (المستوطنات التي لم تُصدّق الحكومة الإسرائيليّة على إقامتها). وقد غيّرت المستوطنات الإسرائيليّة الضفّة الغربيّة بحيث أنّ تأثيرها السيئ والهدّام بائن في شتّى مجالات الحياة، وفي كلّ مستوى من مستويات الحقوق الأساسيّة الخاصّة بسُكان المنطقة الفلسطينيّين.
يتجسّد هذا التأثير في سرقة ونهب مئات آلاف الدونمات التي أقيمت عليها المستوطنات، والمناطق الصّناعيّة، والطُرقات، والأراضي الزراعيّة، والمناطق السياحيّة وغيرها. وبغية حماية وجود المستوطنات الإسرائيليّة في المناطق الفلسطينيّة، يقوم الجيش الإسرائيليّ بضرب الحواجز، وفرض التقييدات الحركيّة على الفلسطينيّين، ويُقلّص أو يحظر وصولهم إلى أراضيهم، ويُبدي حضورًا مكثّفًا لقوّات الأمن في الميدان. وإلى جانب هذا كلّه، فإنّ كلّ مستوطنة تُشكّل مركزَ تأثير على مُحيطها، والكثير منها تُشكّل بؤرةً للعنف وارتكاب الجنح الجنائيّة ضدّ الفلسطينيّين ومُمتلكاتهم.
كُلّ المستوطنات الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة غير قانونيّة، ويُشكّل تشييدها انتهاكًا جسيمًا للقانون الإنسانيّ الدّوليّ، الذي ينصّ على منع نقل سكان القوّة الاحتلاليّة إلى المنطقة الخاضعة للاحتلال، منعًا تامًّا. وحتّى أنّ منظمة ييش دين تعتقد أنّ المخاطر التي يسعى حظر نقل السكّان لمنعها تتحقّق يومًا بعد يوم وساعة بعد ساعة في سياق المستوطنات الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة.
انطلاقًا من المعرفة العميقة التي جمعتها ييش دين على مرّ السنوات، بما يخصّ الواقع السائد في الضفة الغربيّة، نحن نقول إنّ المستوطنات الإسرائيليّة مصدر مركزيّ للانتهاكات الشديدة التي تمسّ حقوق الإنسان المكفولة للفلسطينيّين الذين يعيشون في المنطقة. وتتّسم هذه الانتهاكات بأنّها متعدّدة الأبعاد كونها تكاد تمسّ كلّ حقّ من حقوق الإنسان، والحريّات الأساسيّة الواردة في قوانين حقوق الإنسان الدَّوليّة.
التقرير الذي قدّمناه إلى المقرّر الخاص للأمم المتحدة بخصوص وضعيّة حقوق الإنسان الخاصّة بالفلسطينيّين في الأراضي المحتلّة، يستعرض إسقاطات وتبعات المستوطنات الإسرائيليّة في الضفة الغربيّة على حقوق الإنسان ذات الصّلة بنشاطات وعمل ييش دين، والتي عملت المنظمة على بحثها والتحقيق فيها لسنوات. وقد بيّنّا من خلال تجربتنا ومن خلال الأبحاث والاستقصاءات التي أجريناها، وبشكل واضح، أنّ أفعال المستوطنين والدعم الذي يتلقونه من السّلطات (ما فعلته وما لم تفعله)، وسياسات الجيش والإدارة المدنيّة بخصوص حماية المستوطنات والأثر الهدّام الذي تسبّبه، تُلحق كلّها انتهاكات جسيمة بحقّ الفلسطينيّين بالحياة وسلامة الجسد والأمن والحقّ بالمُلكيّة وحُريّة الحركة والمساواة، إلى جانب انتهاك الحقّ الجمعيّ على ثرواتهم الطبيعيّة.
يعرض هذا المستند بإيجاز كبير مسائل ومواضيع عملت ييش دين عليها بشكل مُعمّق، وهو يُحيل إلى قراءة التقارير وأوراق المواقف، وأوراق المعطيات، وقواعد البيانات ذات الصّلة، التي يمكن من خلالها قراءة كامل المعطيات والتحليلات التي أجريناها. كلّ هذه المستندات نُشرت وهي مُتاحة للمعاينة في موقع ييش دين على الإنترنت.