تتواجد البؤرة الاستيطانية غير المرخصة متسبيه كراميم في مركز صراع قانوني، سياسي وعام. تحول هذا الصراع لرمز لدى المستوطنين وجهات في الكنيست والحكومة الاسرائيلية التي ترى به نموذجاً يقدر على شق الطريق لشرعنة آلاف المباني الاضافية في الضفة الغربية. بالمقابل يقف سكان قرية دير جرير التي أقيمت البؤرة الاستيطانية على أراضيهم بشكل غير قانوني ويديرون صراعاً عنيداً على حقوقهم في الأرض وضد سرقتها التي قامت بها الدولة والمستوطنين.

يعرض هذا التقرير قصة إقامة وتأسيس البؤرة الاستيطانية متسبيه كراميم وسياقه السياسي، الصراع القانوني لأصحاب الأرض الفلسطينيين لإخلاء البؤرة، محاولات الدولة للوصول لتسوية بشأن البؤرة الاستيطانية (مما يمنع إعادة الأراضي المسروقة لأصحابها) والتحليل القانوني اللازم لشرعنة متسبيه كراميم، التي تعتبر بؤرة غير شرعية أيضاً حسب موقف دولة اسرائيل.

في عام 2000، أقيمت البؤرة الاستيطانية متسبيه كراميم على أرض منظمة ومسجلة بملكية فلسطينية خاصة جانب المستوطنة كوخاف هشاحار. قام سكان فلسطينيون من قرية دير جرير بتقديم التماس للمحكمة العليا بعد بناء مباني ثابتة من حجر في المكان عام 2010 وطالبوا به بفرض القانون على البناء غير القانوني في أراضيهم. كان رد فعل مستوطنو متسبيه كراميم تقديم دعوة مدنية للمحكمة المركزية ضد الملتمسين مطالبين بالإعتراف بهم كأصحاب الحقوق على الأرض.

في إطار الصراع القانوني طلبت الدولة شرعنة البؤرة الاستيطانية ولهذا تم استخدام مبدأ “تعليمات السوق” الذي ينص أنه في حالة تم نقل الملكية على عقار بنية حسنة، يمكن أخذ الحقوق من أصحاب العقار على الأرض (الفلسطينيين) وإعطاءها لمن أخذها بنوايا حسنة (أي المستوطنين).

وافقت المحكمة المركزية في آب 2018 على إدعاء المستوطنين وأقرت أنه من الممكن شرعنة البؤرة الاستيطانية عن طريق إحالة مبدأ تعليمات السوق. بعد قرار المحكمة، قام سكان دير جرير بالإستئناف للمحكمة العليا ضد القرار غير المسبوق. طلبت جمعية حقوق المواطن ويش دين الإنضمام للإستئناف بصفة أصدقاء للمحكمة.

عَكَسَت المحكمة العليا في آب 2020 قرار المحكمة المركزية وأمرت بإخلاء البؤرة الاستيطانية خلال ثلاثة أعوام. مع ذلك، قامت المحكمة العليا بإجراء جلسة إضافية موسعة حسب طلب وزارة الأمن في تشرين أول 2021. نتائج هذه الجلسة ما زالت غير معروفة حتى كتابة هذه السطور.

لم تنخلق البؤرة الاستيطانية غير القانونية متسبيه كراميم وطريقة إنشاءها من العدم. مثل العديد من حالات إقامة المستوطنات في الأراضي المحتلة، هنالك جهازاً  كاملاً ذو محرك استيطاني أيديولوجي الذي يدمج العديد من أذرع الدولة، وهو الذي أدى لإقامة البؤرة على أرض فلسطينية بملكية خاصة وتركيز المحاولات لشرعنتها بأثر رجعي. يفحص هذا التقرير بشكل مفصل طريقة العمل المشتركة للسلطات الاسرائيلية والمستوطنين الذين عملوا سوياً ودمجوا العمل القانوني والسياسي الى جانب وضع الحقائق على الأرض بهدف شرعنة السرقة.