قبل 25 سنةً سيطر إسرائيليّون على أراضٍ فلسطينيّةٍ خاصّة في الضفّة الغربيّة، وطردوا المزارعين الفلسطينيّين الذين حاولوا استصلاح الأراضي وزراعتها، وأنشأوا بؤرة عَمونا الاستيطانيّة غير القانونيّة. ومع أنّ معركة قضائيّة غير مسبوقة أدّت إلى إخلاء مستوطني عَمونا، إلّا أنّ إسرائيل ما تزال تمنع أصحاب الأراضي الفلسطينيّين من العودة إلى أراضيهم الخاصّة حتّى اليوم، وبعد مرور ما يقارب أربع سنوات على طرد المُقتحَمين.
يُوجز هذا التقرير المفارق الرئيسة التي أدّت إلى إقامة البؤرة غير القانونيّة في منتصف سنوات التّسعين، والإجراءات القضائيّة الأساسيّة التي أدّت إلى إخلائها عام 2017، ونضال أصحاب الأراضي الفلسطينيّين –الذي يتواصل حتّى اليوم- بغية العودة إلى أراضيهم.
تتفق جميع الأطراف على عدّة حقائق حظيت بتصديق من المحكمة العليا الإسرائيليّة أيضًا:
- أقيمت بؤرة عَمونا الاستيطانيّة على أراضٍ فلسطينيّةٍ خاصّة مُنظَّمة
- جرت عمليّات البناء في البؤرة الاستيطانيّة عبر تجاوز الحدّ، ومن دون تصاريح بناء، وخلافًا للقانون
- أصدرت الإدارة المدنيّة أوامر هدم لمُجمل المباني في البؤرة الاستيطانيّة، إلّا أنّها لم تُطبّقها
- موّلت الحكومة الإسرائيليّة البؤرة الاستيطانيّة غير القانونيّة من الأموال العامّة
- المستوطنون المُخالفون للقانون حصلوا على تعويضات مقدارها ملايين الشيكلات، وجرى تشييد مستوطنة جديدة لهم
لكن، وحتّى بعد إخلاء البؤرة الاستيطانيّة الذي فرضته المحكمة العليا على الدولة في نهاية المطاف، ما تزال إسرائيل ماضية في جُحفها، وهي تواصل منع أصحاب الأراضي الفلسطينيّين من الوصول إلى أراضيهم الخاصّة.
ومن المفارقات أنّ السبب الذي تورده إسرائيل من وراء مواصلة منع وصول أصحاب الأراضي إلى أراضيهم، هو مُكوث مستوطنين إسرائيليّين في الموقع خلافًا للقانون. فمنذ عام 2017 يحظى الكثير من الإسرائيليّين بتشجيع من منتخبي جمهور رفيعي المستوى بانتهاك أمر الترسيم والحضور مرارًا وتكرارًا إلى الأراضي الفلسطينيّة الخاصّة التي شُيّدت عليها بؤرة عَمونا الاستيطانيّة في السّابق، وذلك لغرض الصلاة وإجراء المناسبات، إلى جانب محاولات متكرّرة لمعاودة الاستيطان هنام واستصلاح وزراعة الأراضي المقتحمة.
تؤدّي السياسة الإسرائيليّة إلى نشوء دائرة سحريّة تُمكّن سلطات القانون من السّماح بحدوث نشاطات إسرائيليّية غير قانونيّة، وهي بذلك تمنع أصحاب الأراضي الفلسطينيّين أيضًا من الدخول إلى أراضيهم لزراعتها والتمتّع بخيراتها.
لقد تحوّلت قضية عَمونا إلى أحد رموز الاستيطان الإسرائيليّ في الأراضي المُحتلّة- وهي كذلك بحقّ. فعَمونا رمز لإجرام المستوطنين الذين يتحكّمون بالأراضي الفلسطينيّة الخاصّة وكأنّها مُلكهم، ويسيطرون عليها بالعنف وبشتّى الطرق غير الشرعيّة. وهي رمز لسياسة عدم إنفاذ القانون التي تتبعها سلطات القانون والجيش في كلّ ما يخصّ إلحاق الإسرائيليّين الأذى بالفلسطينيّين وبمُمتلكاتهم. وهي رمز للتمويل بالملايين وللشرعيّة المكشوفة والمُستترة التي تمنحها الحكومة الإسرائيليّة للمستوطنات غير القانونيّة في الأراضي المُحتلّة. وهي رمز لدوْس إسرائيل على حقوق الفلسطينيّين، في إطار منظومة احتلال كولونياليّ يتواصل منذ أكثر من 53 عامًا.
وما يزال أصحابُ الأراضي الفلسطينيّون من قرى سلواد وعين يبرود والطيبة ودير جرير يواصلون نضالهم من أجل العودة إلى أراضيهم الخاصّة، التي نهبها إسرائيليّون منهم قبل 25 سنة.