تتداول وجهة النظر القانونية التالية سؤال كيف تؤثر مُجمل المُمارسات والسياسات التي تطبقها اسرائيل في الأراضي الفلسطينية المُحتلة، على الوضع القانونيّ للاحتلال الإسرائيليّ.

على مدار 56 عامًا من الاحتلال، قام المسؤولون الإسرائيليون – العسكريون والمدنيون – الضالعون ببلورة وصياغة السياسات في الأراضي المُحتلة، بتغييرها إلى حدٍ كبيرٍ. تم ذلك بواسطة تطبيق مجموعة من السياسات والمُمارسات، أبرزها: هندسة ديمغرافية – هندسة التوزيع السكانيّ للأراضي المُحتلة، الفصل الفعليّ والقانونيّ بحسب الانتماء القوميّ، وفرض السيادة الاسرائيلية على الأراضي المُحتلة.

تُحلل وجهة النظر هذه السياسة الإسرائيلية في الأراضي المُحتلة وتؤكد جازمة بأن إسرائيل تسعى إلى تحويل السيطرة على الضفة الغربية لوضع ثابت ودائم. كما يتبيّن من التحليل أن أحكام القانون الدوليّ المعمول بها في حالة احتلال، التي وفّرت الإطار القانوني الذي أتاح لإسرائيل الاستمرار بالتحكم وبإدارة هذه المناطق، تم استغلالها لأجل عملية ضم الضفة الغربية بحكم الأمر الواقع وبحكم القانون (دي فاكتو ودي يوري)، ولأجل استغلال الموارد الطبيعية ليس لمصلحة السكان الخاضعين للاحتلال، بل لأجل بناء مجتمع مدنيّ قويّ من رعايا القوة المُحتَلة في الأراضي المُحتلة.

علاوة على ذلك، وعلى مر السنين، قام الحُكم العسكري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية باستخدام أدوات منحته إياها القوانين الدولية للاحتلال، بغرض إنشاء آلية تُعادي المجتمع المحليّ عمدًا وتهدف إلى نهبه، بما يُنفع مصلحة المجتمع اليهوديّ الذي فرض سيطرته باسم دولة اسرائيل على مساحات واسعة من الضفة الغربية. إن انعتاق الحُكم العسكري من مسؤولياته تجاه مصالح السكان الفلسطينيين كمُجتمع يحظى بالحماية تؤول بالضرورة الى استنتاج لا بُد منه، وهو أن الاحتلال العسكريّ للضفّة الغربيّة أضحى نظامًا استعماريًا غير شرعيّ.

اعتمدت دولة إسرائيل طوال سنوات احتلالها الـ 56 للضفّة الغربيّة سياسات تهدف لتغيير المبنى السكّاني الديمُغرافي للضفة الغربية (يشمل القدس الشرقية) عن طريق الفصل الجسديّ والقانونيّ بين السكان الفلسطينيين المحميين والمستوطنين الاسرائيليين – اليهود، وعبر فرض السيادة الاسرائيلية بالقوة وبالبطش وبشكل أحاديّ الجانب على الأراضي المحتلة. الأثر المتراكم للسياسات المذكورة هو تثبيت السيطرة الإسرائيلية والسعي لتقويض طابعها المؤقت ومنع زوالها.

بالإضافة، فإن طبيعة النظام في الضفة الغربية كما ذُكر آنفًا، والذي يشكل “نظام سيطرة وقمع مجموعة قومية واحدة لمجموعة قومية أخرى”، والأفعال الكثيرة التي ترتكبها السلطات الاسرائيلية التي تُعتبر “أفعال غير إنسانية” بموجب تعريف هذا الاصطلاح في القانون الجنائيّ الدوليّ، والتي تهدف للحفاظ على النظام المذكور وبقائه، تقودنا الى استنتاج أن ما يُطبق في الضفة الغربية هو جريمة نظام فصل عُنصريّ (أبارتهايد).

ترى وجهة النظر القانونية أن حقيقة استغلال حكومات إسرائيل وسلطاتها للشرعية التي تستمدها من أحكام الاحتلال للمسّ بحقوق السكان المحليين المحميين واستغلال الأراضي المُحتلة ومواردها وربطها بحبال الضم الى اسرائيل وتحت سيادتها، تجعل من الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية احتلالا غير شرعيّ. أي أن، واجب على المُحتل أن يُنهي سيطرته القائمة فورًا ويتوجب على المجتمع الدوليّ اتخاذ خطوات تؤول إلى زوال الاحتلال الفوريّ.