ملف محكمة العدل العليا 5480/15 – مريم إسماعيل علي موسى ضد وزير الأمن

تاريخ تقديم الالتماس: 11.8.15

وصف فحوى الالتماس: أُنشئت البؤرة الاستيطانية غير الشرعية ديرخ هآفوت عام 2002، على أراضي قرية الخضر الفلسطينية بالقرب من مستوطنة إلعازار، وذلك ضمن استغلال الوضع الأمني الذي شهد ذروة العمليات العسكرية في الانتفاضة الثانية.

في عام 2007 اعترفت الإدارة المدنية بوجود عشرات المباني غير القانونية، غير أنها امتنعت عن تطبيق أوامر الهدم التي أصدرتها بحقها. وفق تقرير داخلي للإدارة المدنية من عام 2010، والذي منعت النيابة نشره، فإن 60% من مباني البؤرة الاستيطانية قد أُنشئت على أراض فلسطينية خاصة.

تمّ إنشاء البؤرة بشكل حاذق وسريع: في المرحلة الأولى تم إنشاء مساكن متنقلة، ثم بُنيت حول العديد منها جدران ثابتة، وفي المرحلة الثالثة بُنيت أسقف وبذلك تحوّلت المساكن المتنقلة إلى مبانٍ ثابتة. مع الوقت أنشئت بنى تحتية للمياه والكهرباء والصرف الصحي والشوارع داخل البؤرة الاستيطانية. يذكر أن أعمال التطوير هذه للمباني والبنى التحتية قد تمّت دون أية رخص من السلطات المحلية، وبشكل مخالف للمخطط الهيكلي الذي خصّص الأرض للزراعة.

التمست ييش دين باسم أربعة من أصحاب الأراضي من قرية الخضر، طلبا بأن تصدر المحكمة أمرا بهدم المباني غير القانونية. وكان أحد الملتمسين قد قدم حينها التماسا منفصلا للمحكمة، ولكن تم شطب الالتماس بعد التزام الدولة بهدم المبنى غير القانوني الذي أُقيم على أرضه؛ ورغم صدور قرار ملزِم إلا أن الدولة لم تفِ بالتزاماتها.

جاء في رد الدولة أن مقدّمي الالتماس لم يستطيعوا إثبات وجود أي مسوغات قانونية تُلزم الدولة بتنفيذ أوامر الهدم الصادرة ضد المباني “حتمًا الآن، وفي نفس الوقت”، وذلك لأنّ الدولة تزعم أنّ هذه الأراضي هي أراضٍ للدولة، وبالتالي فإنّ المباني الواقعة عليها مُدرجة في أسفل سلّم الأولويات في كلّ ما يتعلق بتنفيذ أوامر الهدم. جاء أيضًا أنه لا فائدة من مناقشة تنفيذ أوامر الهدم طالما لم يتم البت في الاستئناف الذي قُدّم ضد المنشور.

في تاريخ 16.11.2015، أصدرت محكمة العدل العليا أمرًا مؤقّتًا بحظر البناء أو الإسكان في القسائم ذات الصلة، مطالبة الدولة بنقل صورة وضع واضحة خلال 48 ساعة. بعد ذلك بفترة وجيزة، اكتشف مقدّمو الالتماس أنّ البناء في المكان مستمر خلافًا للأمر، وطالبت “ييش دين” بدورها بإصدار أمر يقضي بازدراء المحكمة. ردًا على ذلك، ادّعت الدولة أنها لم تقم بازدراء الأمر الصادر عن محكمة العدل العليا وأنّ “إجراءات التنفيذ المتعلقة بالبناء الجديد، الذي تمّ كما جاء أعلاه بعد صدور الأمر المؤقّت، تتصدر سلم الأولويات في الوقت الحالي”. مع ذلك، وبعد تشريع قانون التنظيم، ادّعت الدولة أنّ بلدة “ناتيڤ هآڤوت” وردت في نص القانون بشكل واضح كإحدى الـ “البلدات” التي علّقت فيها الإجراءات التنفيذية لأوامر الهدم، ولذلك، لا يوجد أي مبرر لاستيضاح الالتماس، إلى أن تتخذ المحكمة العليا قرارها النهائي بشأن الالتماس ضد القانون.

في يوم 2/5/2022 شطبت المحكمة العليا الالتماس. نحن نرى أنّ قرار القضاة مثير للغضب كأقلّ ما يُقال. فقد قال القضاة إنّ “لا خلاف على أنّ كلّ المباني موضوع الالتماس –مبانٍ كبيرة من طابقين أو ثلاثة- شُيّدت خلافًا للقانون، من دون التصديق على خارطة هيكليّة للبؤرة الاستيطانيّة، ومن دون استصدار التراخيص اللازمة، الأمر الذي يُشكّل انتهاكًا فظًّا للقانون”.

زدْ على ذلك أنّ قضاة “العليا” انتقدوا سياسات تطبيق القانون التي تنتهجها السّلطات الإسرائيليّة، وكتبوا: “نحن نستغرب لماذا عجز مُحققو شرطة إسرائيل عن استيضاح هُوية الجهة التي أصدرت “الضوء الأخضر” للاستيلاء على الأراضي ولربط المباني بشبكات الماء والكهرباء والمجاري”. وحتّى أنّ قرار الحُكم يتطرّق إلى “مُماطلة الدولة”، وإلى حقيقة “مرور عشر سنوات من دون إحراز أيّ تقدّم يُذكر” في كلّ ما يخصّ التزام الدّولة بإنشاء قسم خاصّ يتولّى مهمّة التحقيق في مخالفات التنظيم والبناء في الضفّة الغربيّة.

وفي نهاية قرار الحُكم، كتب قُضاة “العليا” أنّ “المُطالبتيْن اللتيْن وردتا فيه {في الالتماس} ما تزالان ذاتي صلة”، إلّا أنّهم قضوا –رغم ذلك- بشطب الالتماس، وذلك نتيجة للوقت الطويل الذي مرّ على المسارات التي جرت في لجان النقض. وهكذا نرى أنّ الدولة “تُماطل” بشكل مُتعمّد لتحصل في نهاية المطاف على جائزة من قُضاة “العليا” تتمثّل في شطب الالتماس.

وقام القضاة –بشكل استثنائيّ- بإلزام الدولة بدفع مصاريف محكمة بقيمة 7,000 ش.ج. للمُتلمِسين، الأمر الذي يُعزّز أهميّة وضرورة هذا الالتماس.

وضعيّة الالتماس: شُطب.