محكمة العدل العليا 748/22، عيد ضدّ قائد قوّات الجيش في الضفة الغربية وآخرين

موعد تقديم الالتماس: 31/1/2022

عامر عيد من قرية بورين هو المالك المُسجَّل لقسيمة زراعية. على مدى عقود، كان عيد وأفراد أسرته يفلحون الأرض، وقد زرعوا فيها أشجار زيتون، لوز، وتين كي يكسبوا قُوتَهم. وفي جزء آخر من الأرض زرعوا محاصيل موسميّة وحبوبًا.

حتى عام 2000، كان أفراد الأسرة يذهبون إلى أرضهم ويعملون فيها دون أية قيود. ولكن بدءًا من تلك السنة، يعاني أفراد عائلة عيد، مثل غيرهم من المزارعين في المنطقة، من هجمات متكرّرة على أراضيهم الخاصّة وفي محيطها. يصدر هذا العنف من مستوطَنة يتسهار أو من بُؤَرها الاستيطانية الموجودة قرب الأراضي الفلسطينية.

والمفارَقة أنه نتيجة انتهاكات المُستوطِنين الإسرائيليين، فرض الجيشُ قيودًا على المزارعين الفلسطينيين سامحًا لهم بالقدوم إلى أرضهم مرّتَين في السنة فقط – في موسم الحَرث وموسم قطف الزيتون – وحتى في هاتَين الفترتَين بالتنسيق مع السلطات الإسرائيلية فقط، وفي كثيرِ من الأحيان بطريقةٍ لا تتيح فلاحة الأرض كما يجب.

وحتى في الفترتَين المُتّفَق عليهما في موسمَي الحَرث وقطف الزيتون، حين كان أفراد الأسرة يأتون ليعملوا في أرضهم، كانوا يعانون من مضايقات عنيفة من جانب إسرائيليين، شملت رمي حجارة، دحرجة صخور من أعلى التلّة، إلحاق ضرر بأدوات العمل، وحتى إشعال أشجار زيتون واقتلاع شتلات. علاوةً على ذلك، في الجزء الذي كان يُستخدَم لزراعة المحاصيل الموسمية، حُرمت عائلة عيد بشكل منهجيّ من فلاحة أرضها من قبل مُنسّق الأمن العسكري الجاري في مستوطنة يتسهار، الذي أوضح مرارًا وتكرارًا أنّه صاحب السلطة العُليا على الأرض.

في شهر نيسان 2020، أتى إسرائيليون كما يبدو من مستوطنة يتسهار أو البؤر الاستيطانية المحيطة بها، دخلوا أرض عيد مع جرّار زراعي (تراكتور)، وبدأوا بالعمل فيها. أبلَغ عيد مكتب التنسيق والارتباط الفلسطيني بالأمر، وعلى حدّ علمه نُقل ذلك إلى التنسيق والارتباط الإسرائيلي أيضًا. على الرغم من ذلك، لم تأتِ إلى المكان أية جهة تمثّل السلطات الإسرائيلية. بعد مغادرة الجرّار، اقترب عيد إلى أرضه، لكنّ مُنسّق الأمن العسكري الجاري المسلَّح لمُستوطَنة يتسهار أوضح له أنّ عليه مغادرة المكان.

استمرّت الأعمال غير القانونية في الأرض الخاصّة بشكل يومي في شهر أيار 2020 أيضًا، إذ أتى الغُزاة مع عدد من آلات العمل من جهة المستوطنة المجاورة يتسهار. في وقت لاحق، سوّر المُستوطِنون الإسرائيليون الأرض، وأقاموا هناك مؤخرًا بنية تحتية للريّ فيما يبدو أشبه بكرم عنب. تواصل السلطات الإسرائيلية عدم تحريك ساكن لمنع اجتياح الأرض. حتى إنّ جنود الجيش منعوا عامر عيد من الدخول إلى أرضه الخاصّة بناءً على أمر مُنسّق الأمن العسكري الجاري للمستوطَنة.

في حزيران 2020، قدّم عيد شكوى في شرطة إسرائيل حول اجتياح أرضه الخاصّة. وفي ظلّ عدم ردّ الشرطة، توجّه مُحامون من ييش دين أربع مرّات باسم عيد إلى المستشار القانوني للجيش في الضفة الغربية، طالبين أن يستخدم الجيش سلطته لطرد المُعتدين الإسرائيليين من الأراضي الخاصّة. ورغم كلّ ذلك، وبعد مرور نحو سنتَين، لا يزال الاجتياح غير الشرعيّ قائمًا ويتمدّد في الأرض الخاصّة لعائلة عيد، دون أن تُحرّك السلطات الإسرائيلية ساكنًا. يُمنَع أفراد الأسرة من دخول مساحة كبيرة من أرضهم كي يفلحوا، يزرعوا أو يغرسوا، يؤمّنوا معيشتهم، ويتمتّعوا بثمار الأرض.

في 31/1/2022 قدّم عامر التماسًا إلى محكمة العدل العليا، بمساعَدة ييش دين، طالبًا أن تستخدم قوّات الجيش والإدارة المدنيّة المُؤتمَنة على الحفاظ على القانون والنظام في الضفة الغربية سلطاتِها وتطرد المُعتدَين من أرضه الخاصّة.

وجاء في الالتماس أنّ تصرّف الجيش يتناقض مع الواجبات التي يفرضها عليه القانون الدولي الإنساني والقانون المحليّ، بما في ذلك أحكام المحكمة العليا، وكذلك وفق القانون الإداريّ الإسرائيليّ. إنّ من لُبّ واجبات القائد العسكري في الأرض المُحتلّة ضمان النظام والحياة العامّة. وتشمل هذه الصلاحيّة أمن القوّة المُحتلّة والمُواطنين الذين تمّ احتلال أرضهم على السواء، الذين هم أشخاص محميّون، وفق تعريف اتّفاقية جنيف الرابعة. إضافة إلى ذلك، ينصّ القانون الدولي على أنّه يُطلَب من قوّة الاحتلال الحفاظ على ممتلكات السكّان المحميّين.

وتمّ التشديد في الالتماس على أنّ تصرّف الجيش مناقض لغرض وأحكام الأمر بشأن الأراضي (الاستخدام المُضايِق لأراضٍ خاصّة) (يهودا والسامرة) (رقم 1586) لعام 2007. أُصدر هذا الأمر للتعامل مع الظاهرة الإجراميّة التي تتمثل في الغزو الزراعيّ لأراضٍ فلسطينية من قِبل إسرائيليين، وهو يشدّد على المعالجة السريعة والناجعة للاعتداء على الأراضي الخاصّة (15 يومًا لتقديم إفادة توضيح من جانب المُعتدين الذين يستخدمون الأرض؛ بعد مرور 15 يومًا على تسليم القرار بشأن الإفادة التي قُدّمت، يمكن وقف الاستخدام المُضايِق والتخلُّص منه). وفق تعريف الأمر للاستخدام المُضايِق، فإنّ أعمال تسوية أرض عيد وتعريتها، تسويرها، والغرس فيها دون موافقته تشكّل استخدامًا مُضايِقًا لأرض خاصّة.

للإجمال، ادُّعي في الالتماس أنّ الجيش لا يمنع عامر عيد من دخول أرضه بحريّة فحسب، بل يُتيح، وحتى يشجّع بتصرّفاته وخروقه، مستوطنين إسرائيليين، مجرمين ومنتهكين للقانون، على الدخول إلى أرضه والسيطرة على أملاكه الخاصّة. وهكذا يُخلّ سلوكُ الجيش بأبسط واجباته وفق القانون الدولي، كما يمسّ بحقوق مالك الأرض في ممتلكاته الخاصّة، حريّة الحركة، كرامة الإنسان، وقدرته على إعالة نفسه وعائلته بكرامة.

وضع الالتماس: قيد الإجراء