المحكمة العليا 10167/17 عبد المؤمن عبدالله ضد المستشار القضائي للحكومة
تاريخ تقديم الالتماس: 28.12.2017
قتلت الشابة الفلسطينية سماح عبد المؤمن عبداللة، ابنة الثامنة عشر، من قرية عمورية، بعيار ناري في تشرين الثاني- نوفمبر 2015، في طريق عودتها مع عائلتها من مدينة نابلس، حيث التحقت بدورة للعناية التجميلية. كانت العائلة في طريقها إلى المنزل حينما اقتربت من حاجز حوارة، وأثناء تواجدهم داخل المركبة، اخترقت رصاصة، أُطلقت من سلاح جندي في الجيش الإسرائيلي، الزجاج الأمامي للسيارة واستقرت في رأس سماح، التي كانت تجلس في المقعد الخلفي مع شقيقها وشقيقتها. توفيت سماح بعد مكوثها في مستشفى بيلنسون في بتاح تيكفا لثلاثة أسابيع. وقد أفاد الجيش الإسرائيلي بأنّ العيار الناري أطلق بعد أنّ حاول مسلح فلسطيني طعن إسرائيليين بالقرب من الحاجز، وأن سماح أصيبت عن طريق الخطأ.
السياسة الرسمية للجيش الإسرائيلي تحدّد وجوب التحقيق في الحالات التي يقتل فيها مواطنين فلسطينيين على يد جنود إسرائيليين، باستثناء “الظروف القتالية الفعلية”. مع ذلك، رفض الجيش الإسرائيلي التحقيق في ظروف وفاة سماح، مدّعيًا أن حادثة الطعن تعتبر “ظرفًا قتاليًا”.
ولأنّ التوجهات إلى النيابة العامة العسكرية والمستشار القضائي للحكومة لم تؤدِ إلى فتح تحقيق من قِبل شرطة التحقيقات العسكرية، قدّم والد سماح التماسًا للمحكمة العليا، مستعينًا بمنظمة “ييش دين”. جاء في الالتماس بأنّ تعريف النيابة العامة العسكرية لـ “الظرف القتالي”، الذي يشمل أيضًا أعمال عنف فردية دون استخدام أسلحة نارية، مخالف للقانون الدولي، ولتوصيات لجنة تيركل ولتعريفات النيابة العامة العسكرية بحد ذاتها، ويعفي المستشار القضائي للحكومة من واجب التحقيق في مقتل المواطنين الفلسطينيين أمام المحكمة العليا.
يوضّح الالتماس أنّه وفقًا للقانون الدولي، يجب الفصل بين الظروف القتالية الواضحة وحالات خرق النظام الفردية “المدنية” التي تستدعي تدخّل الشرطة. مع أنّ التمييز قد يكون صعبًا في بعض الأحيان، إلا أنّه من الواضح أن هذه الواقعة لم تكن قتالية، أي أنّها لم تتخلل مواجهة قتالية بين قوى قتالية. في سياق الاحتلال العسكري، وخاصة الاحتلال العسكري طويل الأجل، يتعزز هذا التمييز بحكم وجوب الحفاظ على النظام والأمن في المنطقة من قبل سلطة الاحتلال.
جاء أيضًا في الالتماس أنّ حوادث الدهس والطعن الفردية، كتلك التي أدت إلى مقتل سماح، لا تُدرج ضمن فئة الظروف القتالية، بل ضمن فئة العنف الفردي، خرق النظام والشغب، والتعامل معها يقع تحت مسؤولية الشرطة وليس عناصر القوة القتالية.
القرار بعدم فتح تحقيق، بالرغم من السياسة المعلنة للجيش الإسرائيلي، ليس استثنائيًا. وفقًا لمعطيات مركز بتسيلم، قُتل عام 2015، 76 مواطن فلسطيني في الضفة الغربية بسلاح الجيش الإسرائيلي. مع ذلك، تفيد المعطيات المتوفرة لدى منظمة “ييش دين، أنّه تم التحقيق في 21 حالة فقط. الكثير من هذه الحالات وقعت على خلفية موجة العنف التي اجتاحت الضفة الغربية في نفس السنة. عام 2016، قتل 57 فلسطيني من الضفة الغربية بسلاح الجيش الإسرائيلي، و 10 حالات فقط حظيت بالتحقيق الفوري من قبل شرطة التحقيقات العسكرية، كما تستدعي سياسات التحقيق في الجيش الإسرائيلي.
ردًا على الالتماس، أعلنت النيابة العامة العسكرية في شباط-فبراير 2018 بأنّه تقرر فتح تحقيق من قِبل شرطة التحقيقات العسكرية، التي ستتدارس حيثيات مقتل الشابة سماح. وقد جاء في رسالة تلقتها منظمة ييش دين أنّ القرار بفتح تحقيق اتُخذ في أعقاب ادعاء مقدمي الالتماس بأنّ إطلاق النار، الذي أودى بحياة الشابة سماح، صدر عن برج الحراسة الواقع شمالي حاجز حوارة، وبأنّ الرصاصة التي أصابت سماح اخترقت الزجاج الأمامي للسيارة، خلافًا لادعاء النيابة العامة العسكرية بأنّ إطلاق النار صدر عن الجنود الذين تواجدوا في الباحة خلف السيارة، وأطلقوا النار على الشاب الذي خطط لارتكاب عملية الطعن.
على إثر هذا القرار، طلبت الدولة شطب الالتماس، دون إجراء مناقشة للقضية الأساسية حول الظروف التي يتم فيها التحقيق بحالات وفاة مواطنين فلسطينيين. اعترضت منظمة ييش دين على الطلب، نيابة عن مقدمي الالتماس.
جاء في رد الدولة على الالتماس أنّه مع اتخاذ القرار بفتح التحقيق حول ظروف مقتل سماح وعدم ضرورة اللجوء الفردي إلى القانون، لا لم تعد هناك حاجة لمناقشة المسائل المتعلقة بسياسات التحقيق العامة وكيفية تطبيقها، لأنّها مسائل نظرية فقط. جاء في رد الدولة أيضًا أنّ القرار بخصوص تصنيف الواقعة “كواقعة قتالية” فعلية”، والقرار بخصوص فتح تحقيق جنائي مرتبط بحيثيات كل واقعة على حدة، ولا يمكن اتخاذه مسبقًا.
وضع الالتماس: قيد المناقشة