التماس حول إزالة منشأة معالجة الصرف الصحي- ملف محكمة العدل العليا 4457/09 – محمد أحمد ياسين مناع ضد وزير الدفاع.
استخدم مستوطنو (عوفرا) شمال شرق رام الله طوال سنين بِرَك الأكسدة لمعالجة مياه الصرف الصحي للمستوطنة حيث أقيمت هذه البرك على أراضي قريتي عين يبرود وسلواد الفلسطينيتين وقد تم إغلاق هذه البرك أثر زخم البناء غير القانوني في المستوطنة بعد شكاوى سكانها من الروائح الكريهة والأضرار الصحية الناجمة عنها، فتم بالنتيجة تصريف الصرف الصحي إلى وادٍ مجاور وأراضي سكان عين يبرود.
في عام 2005 شرع المجلس الإقليمي (بنيامين) في إقامة منشأة لمعالجة مياه الصرف (فيما يلي – المنشأة) تخدم سكان المستوطنة وذلك خلافًا للقانون، وأُقيمت هذه المنشأة على أراضٍ خاصة تابعة لسكان قرية عين يبرود، موكِّلي منظمة (يش دين) الأمر الذي حال دون وصولهم إلى أراضيهم. في تموز 2008 أصدرت لجنة المراقبة المنبثقة عن مجلس التخطيط الأعلى في يهودا والسامرة أمرًا بوقف الأعمال وهدم المنشأة، ولكنه لم يتقرّر وقف الأعمال ومنع ربط المنشأة بالكهرباء إلاّ في آذار 2009، بعد تدخّل سلطات تطبيق القانون، وبعد مرور شهرين التمست (يش دين) نيابة عن أصحاب الأراضي مطالبة بمنع تشغيل المنشأة وتنفيذ أوامر الهدم الصادرة بشأنها.
في ردّها على الالتماس ادّعت الدولة بأن إقامة المنشأة تنطوي على أهمية كبيرة بالنسبة لمستوطنة (عوفرا) وللقرى الفلسطينية المجاورة على حدّ سواء، غير أنّها اعترفت بأن “الإجراء الملائم واللائق كان يجدر أن يتم أصلاً عبر النظر في البدائل المختلفة لحل المشكلة واتّخاذ الإجراءات التنظيمية والمُلكية الخاصة بغية تطبيق البديل الملائم”. كما ادّعت الدولة بأن الموقع الذي أقيمت عليه المنشأة يعدّ الأنسب لإقامة منشأة إقليمية تخدم القرى الفلسطينية المجاورة أيضًا، وأن إقامة منشأة إقليمية في أي موقع آخر ستستوجب حتمًا مصادرة أراضٍ.
في تموز 2011 قضت محكمة العدل العليا بحظر تشغيل المنشاة أو ربطها بالكهرباء إلا بعد استكمال الإجراءات القانونية التي تسمح بذلك إذ جاء في قرار الحكم أنه: “في ضوء الظروف الراهنة علينا الأخذ بجملة اعتبارات أوّلها أنه لا خلاف حول الحاجة إلى منشاة لمعالجة مياه الصرف الصحي تخدم البلدات في المنطقة سواء بلدة (عوفرا) والقرى الفلسطينية المجاورة، وثانيها أنه لا ينازع أحد في وجوب منع تشغيل المنشاة التي أُقيمت خلافًا للقانون، إلا في حال تغيير الوضع القانوني للموقع واتخاذ إجراءات التخطيط اللائقة واستكمال كافة الإجراءات القانونية اللازمة”.
في نيسان 2014 تبيّن أن الدولة تخطط لمصادرة 180 دونمًا من الأراضي الفلسطينية وتشمل المنطقة التي أقيمت عليها المنشاة بحيث يتم تشغيلها لخدمة مستوطنة (عوفرا) فقط، في تشرين أوّل 2016قرر مجلس التخطيط الأعلى لدى الإدارة المدنية إيداع خطة تشرعن المنشأة وقدّمت (يش دين) اعتراضًا بالنيابة عن أصحاب الأراضي جاء فيه “أن الهدف منشأة معالجة الصرف هذه خدمة سكان مستوطنات (عوفرا) فقط… بينما أي ادعاء آخر إنما هو غير صحيح ومغرض ومشوّه يبغى النهوض بإجراءات التخطيط المشار إليها عبر تقديم مظهر تخطيطي زائف وكأن المنشأة يفترض أن تخدم سكان المنطقة الفلسطينيين”.
وضع الالتماس: تمّت الموافقة على الالتماس بشكل جزئي.
التماس حول محاكمة رئيسي المجلس الإقليمي بنيامين (پنحاس ڤلرشتاين) و(آڤي روئيه) ملف محكمة العدل العليا 8088/14 – نجاح مبارك موسى فرحات ضد المستشار الققانوني للحكومة
موعد تقديم الالتماس: 27.11.2014
بموازاة تقديم الالتماس حول إزالة منشاة الصرف الصحي قدّمت (يش دين) شكوى جنائية ضد (پنحاس ڤلرشتاين) رئيس المجلس الإقليمي (بنيامين) حينذاك، وضد نائبه (آڤي روئيه) الذي يعمل حاليًا رئيس المجلس على خلفية ضلوعهما في البناء غير القانوني.
في 2012 جرى التحقيق مع (ڤلرشتاين) و(روئيه) في مكاتب الوحدة القطرية للتحقيق في جرائم النصب والاحتيال بشبهة ارتكاب جرائم التعدّي على الأراضي والبناء بدون ترخيص وإصدار وثائق مزوّرة، وقد اعترف (روئيه) خلال التحقيق معه في الوحدة القطرية للتحقيق في جرائم النصب والاحتيال بالجرائم المنسوبة إليه حيث اعترف بأنه كان على دراية بإتمام البناء على أراض فلسطينية خاصة إضافة إلى توقيعه على تصريح بناء مزوّر أتاح البناء غير القانوني. أمّا (ڤلرشتاين) فقد اعترف بأنه أمر بالشروع في البناء رغم أن ملكية الأرض لم تعد إلى المجلس.
في تشرين أول من نفس العام أوصت الشرطة بتقديم الاثنين للمحاكمة بتهمة جرائم التخطيط والبناء إلاّ أن المستشار القانوني للحكومة حينذاك (يهودا ڤاينشتاين) أعلن في حزيران 2014 عن قراره عدم تقديم لائحتي اتهام ضدّهما، ومن جملة الأسباب التي ذكرها حقيقة عدم تقديم لوائح اتهام مماثلة في السابق.
وجاء في إعلان المستشار: “لا مجال البتّة لتبرير البناء غير القانوني ولا التعدي على الأراضي الخاصة وغيرها من الأعمال المنسوب الضلوع فيها إلى المشتبه فيهما … مع ذلك فإن الحاجة العامة إلى إقامة منشأة معالجة الصرف، ومطالبة وزارة حماية البيئة الجهات المعنية في المجلس بالعمل على حلّ مشكلة تلوّث مياه الصرف، والتمويل الذي رصدته الدولة للمشروع بواسطة مديرية الصرف الصحي في وزارة البنى التحتية؛ ومرور الوقت على موعد انتهاء البناء (حوالي خمس سنوات) – كلّها يجب أن تؤخَذ بالحسبان لدى النظر في ما إذا كان هناك مجال لاتخاذ إجراء جنائي ضد المشبوهَين، وذلك مع الانتباه إلى أن اتخاذ قرار بتقديم لائحة اتهام في هذه القضية يعني أنّها ستُعدّ سابقة نسبية إذ أنّه حتى الآن لم يتم تطبيق القانون الجنائي على مخالفات التخطيط والبناء في يهودا والسامرة وذلك لعدم وجود جهة مسؤولة تتولّى التحقيق في هذه القضايا”.
على أثر قرار المستشار التمست (يش دين) إلى محكمة العدل العليا ضد إغلاق الملف، وادّعت النيابة العامة في ردّها أنه لا خلاف على حقيقة أن الشبهات تخص ارتكاب “أعمال خطيرة لا يمكن التسليم بها”، ولكنّها أضافت أن المصلحة العامة لا تبرّر المحاكمة. وكرّرت النيابة العامة ادّعاءها بأنه لم تكن هناك حالات أخرى تم فيها تقديم لوائح اتهام ضد رؤساء مجالس في الضفة الغربية بتهمة مخالفات البناء، وليس من اللائق البدء بهذه الحالة.
في كانون ثان 2016، وفي خطوة استثنائية أمر قضاة محكمة العدل العليا المستشار القضائي للحكومة بإعادة النظر في قراره عدم اتخاذ خطوات قانونية ضد (ڤلرشتاين) و(روئيه). وقالت القاضية (استير حيوت خلال الجلسة): “نحن قلقون إزاء هذه القضية”. وطلب القضاة من الدولة النظر في اتخاذ خطوات تأديبية ضد الاثنين.
وعقب نقد المحكمة توصلّت النيابة العامة إلى صفقة مع الاثنين تنصّ على اعترافهما بتجاوز قانون التخطيط والبناء ودفع غرامة حيث لم يوقع الاثنان على صفقة ادعاء عادية ولكنهما اعترفا بالمخالفة من خلال إجراء جديد متمثّل بالتسوية المشروطة تتيح للنيابة إغلاق ملفات تتضمن الاعتراف بدون تقديم لائحة اتهام.
وجاء في رد الدولة إلى محكمة العدل العليا أنه بعد الاطلاع مجدّدًا على الملف رأى (مندلبليت) أن “اتخاذ إجراءات تأديبية غير ممكن على الإطلاق” ومن هنا اقتضت الحاجة اللجوء إلى خطوات “تعكس سوء السلوك من طرف (فلرشتاين) و(روئيه) مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الخاصة بهذه القضية. بالمقابل ادعت (يش دين) بأن هذه الخطوة غير كافية فيما يتعلق بالمصلحة العامة وأنه يجب تقديم لائحة اتهام عادية ضد الاثنين.
في نهاية شهر أيلول- سبتمبر، رفضت المحكمة العليا الالتماس، وأقرت بأنّه يجب الاكتفاء بالتسوية المشروطة التي وقّع عليها كلّ من ﭬـيلرشطاين وروئيه. مع ذلك، وجّه القضاة في الحكم القضائي الصادر عنهم نقدًا حادًا تجاه سلوكيات الطرفين: “لقد استغل كلاهما قوتهما السلطوية واستغلا الموارد العامة لتنفيذ البناء غير القانوني، رغم علمهما بأنّ قطعة الأرض هي ملكية خاصة”. وأضافت القاضية دافنا براك- أيرز أنّ: “هذه الخطوة التي ترتب عليها خرقٌ للقانون لا تعتبر خطوة شرعية، حتى وإن نبعت عن منطلقات أيديولوجية أو أخرى غير مرتبطة بمصالح شخصية”. وأردفت قائلة “ارتكاب المخالفات تحت غطاء المصلحة العامة يعدّ أكثر خطورة، لأنّ من يخفق في ذلك قد لا يكون قادرًا على تمييز الإشكاليات الكامنة في هذه المخالفة، كما حدث في القضية المتداولة هنا”.
وضع الالتماس: مرفوض.