إتاحة الوصول لأراض خاصة بالقرب من مستوطنة “كفار تبواح”, ملف محكمة العدل العليا 9512/10 – رئيس مجلس قرية ياسوف وآخرون ضد قائد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية
في عام 2001، بعد عام من إنشاء البؤرة الاستيطانية غير الشرعية “تبواح معراف”، أُغلقت الطريق المؤدية إلى الأراضي الزراعية التابعة لأهالي قرية ياسوف الفلسطينية – وتصل مساحتها إلى آلاف الدونمات – بواسطة كثبان رملية وحجارة. وجاء في الالتماس الذي قدّمه رئيس مجلس القرية وبعض الأهالي، بواسطة “ييش دين”، أن إجراءات منع الوصول للأراضي غير ثابتة، بل يتم بموازاتها الاستحواذ على الأراضي بشكل غير قانوني، وتقوم بغزوها عناصر مختلفة تشق فيها شوارع وتنصب منشآت مؤقتة وتغرس أشتالاً.
وحاجج الملتمِسون بأن المستوطنين في المكان، بمساعدة من الجيش، طردوهم من الأراضي مستخدمين العنف الجسدي. كما جاء أنه في عام 2006 تمّ استدعاء رؤساء مجالس القرى المجاورة للمستوطنة للمثول أمام ضابط مكتب التنسيق والارتباط الإسرائيلي في قضاء نابلس حيث أبلغهم بأن الدخول إلى جزء من الأراضي ممنوع منعا باتا وأن دخول أجزاء أخرى منها مرهون بتنسيق مسبق. نُقل هذا البلاغ شفاهيا، دون إبراز أي أمر أو تعليمات قانونية أخرى تجيز تقييد الحركة بهذه الشدّة.
وطلب الأهالي من المحكمة بأن تصدر أمرا يمكّنهم من حرية الوصول لأراضيهم الخاصة المجاورة لمستوطنة كفار تبواح، وإزالة العقبات التي نُصبت لمنع وصولهم إليها، وإحقاق حقهم في فلاحة أراضيهم طيلة أيام السنة.
وجاء في الالتماس أن “منع الوصول للأراضي يخلق واقعا جدا يعتبره الجيش والشرطة أمرا واقعا ضمن تجاهل الوضع القانوني”.
في ردّها على الالتماس أعلنت الدولة أنها اتّخذت قرارا بإغلاق جزء ملحوظ من الأراضي بموجب “أمر منطقة عسكرية مغلقة” وأن الوصول إليه يتطلّب تنسيقا عسكريا. وكان المبرر الذي استخدمته الدولة لهذا القرار هو التحديات الأمنية في حماية البؤرة الاستيطانية غير الشرعية “تبواح معراف”. وقد انتقد قضاة محكمة العدل العليا بشدة حقيقة أن الدولة لا تتيح للأهالي الفلسطينيين الوصول إلى أراضيهم. وقالت القاضية مريام ناؤور خلال الجلسة إنه “في حال وجود مخالفين للقانون، فإن دور القائد العسكري مواجهتهم. دوره ضمان الوصول، وإذا كان هناك مخالفين للقانون فعليه مواجهتهم. على الدولة مواجهة كل من يلجأ إلى العنف. دور الدولة هو فرض النظام”.
في عام 2013 أعلنت الدولة عن إجراء جديد يتيح للمزارعين الفلسطينيين الوصول إلى أراضيهم. حسب الإجراء، على أصحاب الأراضي التوجه إلى الإدارة المدنية عن طريق مكاتب التنسيق والارتباط الفلسطينية للإبلاغ برغبتهم الدخول لأراضيهم. على الإدارة المدنية أن تفسح لهم الوصول إليها في غضون بضعة أيام”، وعلى نحو خاضع لاعتبارات عملياتية. في آذار (مارس) 2014 اكتسب الإجراء صفة قرار قضائي.
وضع الالتماس: قُبل جزئيًّا.
الالتماس الثاني: إخلاء البؤرة الاستيطانية غير الشرعية “تبواح معراف”, ملف محكمة العدل العليا 2297/15 – رئيس مجلس قرية ياسوف ضد وزير الأمن
تاريخ تقديم الالتماس: 31.3.15
وصف فحوى الالتماس: بعد نحو عام من صدور قرار حكم في الالتماس المقدّم من قبل أهالي قرية ياسوف بشأن إتاحة الوصول لأراضيهم، التمس الأهالي مرة أخرى لمحكمة العدل العليا طلبًا لإخلاء البؤرة الاستيطانية غير الشرعية “تبواح معراف”، والتي بُنيت كل المباني فيها دون الرخص اللازمة، وبعضها على أراض فلسطينية خاصة.
يطالب الالتماس بإخلاء البؤرة كلها بادعاء أن البناء فيها غير مرخّص وأنها تشكّل مصدرا للانتهاك المواصل لحقوق الإنسان المكفولة لأهالي قرية ياسوف. وحاجج الملتمِسون بأنه منذ شق شارع الوصول الذي يربط بين مستوطنة “كفار تبواح” والبؤرة الاستيطانية التي تقع على بعد كيلومترين عنها، تمّ توثيق العديد من حالات الاعتداء الجسدي التي ارتكبها أهالي البؤرة الاستيطانية، إضافة إلى عشر حالات من التعدي على سيارات أهالي القرية، إشعال حريق في أحد مساجد القرية، اقتلاع وحرق مئات أشجار الزيتون، وحالات عديدة أخرى من تجاوز الحدود، كلها بهدف منع وصول أهالي القرية لأراضيهم الزراعية.
ومما جاء في الالتماس “أن استمرار وجود البؤرة غير الشرعية معناه استمرار سلب الحريات الأساسية للملتمِسين الذين يضطرون للعيش في ظل نظام التصاريح والتقييدات والخوف. بهدف حفظ وجود البؤرة الاستيطانية غير الشرعية وسكانها، يطالَب الملتمِسون بالتخطيط لكل خطوة بسيطة يرغبون في القيام بها عدة أسابيع سلفًا وتنسيق كل خطوة صغيرة إزاء جهات مختلفة ومتعدّدة”. وذكر الالتماس الجديد أن الجيش لم يقم بمهمّته إتاحة وصول الأهالي الفلسطينيين لأراضيهم الزراعية.
ردًّا على الالتماس اعترفت النيابة أن البناء في البؤرة الاستيطانية غير قانوني، وأنه ليس هناك إجراء تخطيطي لتنظيم البؤرة. غير أن النيابة أضافت أن الدولة تنوي إجراء مسح للأراضي في المنطقة “ستفحص في أعقابه احتمال إجراء تنظيم تخطيطي في المنطقة”. بمعنى، أن الدولة ستفحص إمكانية شرعنة البؤرة الاستيطانية.
خلال الجلسة التي عُقدت للنظر في الالتماس في كانون أول (ديسمبر) 2015 انتقدت رئيسة المحكمة ناؤور أداء الدولة: “يجب ان يكون مفهوما أنه حتى في أراضي الدولة يجب التصرف بموجب القانون… قد يكون من الممكن إجراء شرعنة في أراضي دولة، ولكن يجب فعل شيء ما وليس الانتظار إلى حين تقديم التماس”. في ختام الجلسة أصدرت محكمة العدل العليا قرارًا مع وقف التنفيذ يأمر الدولة بأن تفسر خلال 120 يومًا أسباب عدم إخلاء البؤرة الاستيطانية.
وذكرت الدولة في ردّها في حزيران (يونيو) 2016، أنه في أواخر التسعينات، في إطار اتفاق البؤر الاستيطانية غير الشرعية الذي تمّ توقيعه بين زعماء المستوطنين ورئيس الحكومة حينذاك إيهود براك، أُعلنت المنطقة كمنطقة للرعي وليس للسكن. ولكن رد سكان البؤرة الاستيطانية الذي قُدّم في نهاية شهر أيار (مايو) 2016 لمحكمة العدل العليا، يثبت أن الاتفاق من وجهة نظرهم هو مجرد خطوة أولى. وجاء في رد البؤرة الاستيطانية ما يلي: “يتمّ تنفيذ السياسة الحكومية على مرحلتين: في الأولى، يجري العمل على إصدار تصريح للاستيطان الزراعي في المنطقة. وبشكل موازٍ، يبدأ العمل على تنفيذ خطة لبناء مبانٍ ثابتة”.
على مدى سنوات واصل سكان البؤرة الاستيطانية البناء فيها، مدّعين أنهم حصلوا على وعد بشرعنتها، هذا في حين ذكرت الدولة في ردّها أن الإدارة المدنية كانت قد رفضت في عام 2002 الخريطة الهيكلية التي اقتُرحت على البؤرة الاستيطانية. وقد تم في تلك الفترة هدم 25 مبنى غير قانوني في البؤرة الاستيطانية.
ويتبيّن من رد الدولة أنه قد تقرر العدول عن نهج التظاهر، والعمل على شرعنة البؤرة الاستيطانية بأثر رجعي، رغم اعتراف الدولة أن جزءًا من البؤرة قد بُني على أرض فلسطينية خاصة، مما يعتبر خرقًا متكرِّرًا للقانون، ويشكّل انتهاكا فادحا لحقوق الإنسان المكفولة لأهالي قرية ياسوف.
في مطلع شهر شباط عام 2017 أمرت محكمة العدل العليا من الدولة بهدم 17 مبنى في البؤرة الإستيطانية “تبواح معراف” والتي بُنيت عللا أراضي فلسطينية خاصة, وهذا حتى شهر حزيران 2018
وبسبب إعلان الدولة محاولتها شرعنة البؤرة الاستيطانية وتحويلها إلى مستوطنة، رفضت المحكمة النظر في أمر إخلاء البؤرة الاستيطانية بالكامل، وأمرت بإخلاء الوحدات المذكورة.
وضع الإلتماس: تم قبول الإلتماس بشكل جزئي
التماس لإلغاء أمر المصادقة على شق طريق مؤدية إلى مباني البؤرة الاستيطانية تابواح معراﭪ (طال بنيامين)، متجاوزًا إجراءات التخطيط المعتمدة
المحكمة العليا 890/20، رئيس مجلس قرية ياسوف وآخرون ضد قائد القوات العسكرية في الضفة الغربية وآخرين
موعد تقديم الالتماس: 2.2.2020
من بين المباني الـ 17 التي قضت المحكمة بهدمها في إطار حكم المحكمة العليا 2297/15 كان هناك أيضًا شارع وأعمدة كهرباء لخدمة البؤرة الاستيطانية تبواح معراﭪ (طال بنيامين) التي تنوي الدولة شرعنتها. باقتراب موعد هدم المباني في حزيران 2018، تقدّمت الدولة للمحكمة بطلب تأجيل هدم الشارع وأعمدة الكهرباء إلى أن يتم شق شارع بديل لخدمة سكان البؤرة الاستيطانية. المباني الأخرى هدمت في الموعد المحدد في الحكم القضائي.
ولكن في أيار 2018، أعلنت الإدارة المدنية عن 152 دونمًا من أراضي قرية يوسف كأراضي دولة، وذلك في إطار سيرورة شرعنة البؤرة الاستيطانية. في شهر أيلول من نفس السنة، قدّم رئيس مجلس قرية ياسوف و13 آخرون من أصحاب الأراضي استئنافًا على هذا الإعلان بدعمٍ من منظّمة ييش دين، ولم يتم البت بعد في هذا الاستئناف.
في كانون الثاني 2019، رفضت المحكمة طلب الدولة بتأجيل هدم الشارع وأعمدة الكهرباء، وقضت بوجوب إخلاء جميع المباني المتبقية خلال 3 أشهر، حتى نيسان 2019. ولكن في نيسان، تم تقديم طلب آخر لتأجيل تنفيذ الحكم القضائي. ادّعت الدولة هذه المرة أنّه على ضوء القرار الصادر على المستوى السياسيّ “بشرعنة” البؤرة الاستيطانية تبواح معراف، سيطلب من قائد لواء المركز إصدار أمر يسمح بتجاوز إجراءات التخطيط المعتمدة لشق شارع بديل مؤدي لمباني البؤرة الاستيطانية خلال فترة زمنية قصيرة، خلافًا لقوانين التنظيم القائمة. ادعت الدولة أنّه حتى ذلك الحين، يجب تأجيل هدم الشارع القائم. تم قبول هذا الطلب، وتحدّد موعد جديد لتنفيذ أمر الهدم في 31.12.2019.
في أيلول 2019، وقع قائد لواء المركز على الأمر 1821 الذي يصادق على شق “طريق مؤقّتة” جديدة بدون الحصول على تصريح من مؤسّسات التخطيط، وذلك لكونها “طريقًا ذات أهمية مناطقية”. يتجاوز هذا الأمر إجراءات التخطيط التي تتضمن الإشراف والرقابة من قبل خبراء مهنيين وسماع الاعتراضات العامة. بالإضافة إلى ذلك، يسمح هذا الأمر بالتخطيط على أراضٍ لم يتم البت في مكانتها بعد، وذلك لأنّه لم يتم البتّ بعد في الاستئناف على الإعلان عن الأراضي أعلاه كأراضي دولة، وذلك بهدف شق الطريق المؤدية إلى المباني غير القانونية بأسرع وقت ممكن، ولتأجيل هدم المباني غير القانونية القائمة على أراض فلسطينية خاصة.
بعد رفض الاعتراض الذي قُدّم ضد خطة شق الطريق، قدم أهالي قرية ياسوف في 2.2.2020 التماسًا للمحكمة العليا لإلغاء الأمر وكل قرار آخر يصادق على خطة شق الشارع.
جاء في الالتماس أنّ إصدار الأمر 1821 مخالف لأحكام القانون الدولي التي تحظر على قوى الاحتلال تشريع قوانين تغيّر من القانون القائم، إلا لهدف حماية السكان المحليين (الفلسطينيين أبناء المكان) أو للحفاظ على النظام العام أو لتلبية الاحتياجات الأمنية. الأمر 1821 لا يستوفي أي شرط من هذه الشروط، والهدف من ورائه هو تسهيل الوصول إلى المباني التي أقيمت بشكل غير قانونيّ من قبل مستوطنين إسرائيليين، في بؤرة استيطانيّة تسعى الدولة إلى “شرعنتها” (ولكنها لم تقم بذلك بعد). إنّ شق هذه الطريق لا ينطوي على تجاوز صارخ لإجراءات التخطيط فحسب، بل يضر أيضًا بأصحاب الأراضي وبسكان القرى الفلسطينية المجاورة، بحقوق ملكيتهم، بحرية تنقّلهم وبأمنهم وسلامتهم. تطرّق الالتماس أيضًا إلى الإخفاقات الحادة في الإجراء التخطيطي الذي أتاح المجال لإصدار أمر كهذا.
في موعد تقديم الالتماس، لا تزال الطريق وأعمدة الكهرباء التي أمرت المحكمة بهدمها في 2017 قائمة، ولم يطرأ عليها أي تغيير، وذلك مع أنّ الدولة تعهدّت أمام المحكمة العليا بهدم المباني حتى 31.12.2019.
في شهر شباط 2020 أصدرت محكمة العدل أمرًا مؤقّتًا في نطاق الالتماس، يحظر “القيام بأعمال من شأنها أن تغيّر من وضع الأرض القائم حتّى إصدار قرار مختلف”. بعد مرور عام (آذار 2021)، وافقت محكمة العدل العليا على طلب المدّعى عليهم في الالتماس وأمرت بإلغاء الأمر المؤقّت. وبالإضافة إلى ذلك، تقرّر أنّه يتوجّب على الدولة الحتلنة حتّى شهر أيّار 2021 بشأن هدم الطريق الأصليّة وإزالة المباني التي تبيّن أنّها قد أقيمت على أراض خاصة حتّى نهاية عام 2021.
في حزيران 2021 أعلمت الدولة بأنّه قد تمّت إزالة أجزاء فقط من الطريق. لم تشمل الرسالة معلومات حول تطوير خطّة تمهيدية للبؤرة الاستيطانيّة غير القانونيّة.
وضع الالتماس: قيد التداول