يصعب الاعتراف بذلك، ولكن الاستنتاج من وراء هذا التقرير هو أنّه ترتكب في الضفة الغربية جريمة ضد الإنسانية، من نوع الفصل العنصري. منفذو الجريمة إسرائيليون وضحاياها فلسطينيون.
ترتكب هذه الجريمة لأنّ الاحتلال الإسرائيلي ليس ”مجرد” نظام احتلال (أو نظام سيطرة وقمع)، بل يرافقه مشروع استيطاني واسع النطاق، وإنشاء مجتمع مكوّن من مواطني المجتمع المحتَل في المنطقة المحتلة. تُرتكب هذه الجريمة لأنّ المحتل، إضافة إلى استيطانه للأرض المحتلة، عمل جاهداً على ترسيخ وتعزيز سيطرته على السكان القابعين تحت الاحتلال، والحفاظ على مكانتهم الدونية. تُرتكب جريمة الأبارتهايد في الضفة الغربية لأنّه في سياق السيطرة وقمع مجموعة عرقية معينة من قبل مجموعة عرقية أخرى، فإنّ السلطات الإسرائيلية تنفّذ ياسات وممارسات تشكّل أفعالاً منافية للإنسانية، وفق تعريف هذا المصطلح في القانون الدولي: سلب حقوق من مجموعة قومية ونقلها للمجموعة الثانية، الفصل المادي والقانوني بين المجموعتين، وإنشاء منظومة قانونية مختلفة تسري على كل مجموعة. هذه هي القائمة الجزئية للجرائم اللاإنسانية.
حجة البراءة التي استخدمتها حكومات إسرائيل على مر السنين، والتي يُدّعى بموجبها أنّ الوضع مؤقت، وأنّها لا ترغب أو تنوي ترسيخ وتعزيز السيطرة والقمع وسياسات إخضاع الفلسطينيين في المنطقة، تتحطم أمام الجدار الخرساني للأدلة التي تشير بوضوح إلى أنّ الممارسات والسياسات التي تطبقها إسرائيل في المنطقة، تهدف إلى تعزيز وترسيخ السيطرة والقمع ضد الفلسطينيين، وسيادة الإسرائيليين الذين انتقلوا للسكن هناك.
وهذا ليس كل ما في الأمر. فكما ورد في هذا التقرير، تنفذ إسرائيل في الضفة الغربية سيرورة ”ضم تدريجي”. والعواقب الإدارية للضم هي إلغاء الحكم العسكري في المنطقة المضمومة، وتوسيع نطاق الصلاحيات الإقليمية للسلطات المدنية الإسرائيلية في عمق الضفة الغربية.
إنّ تتمة مسار الضم القانوني التدريجي، وبخاصة ضم منطقة معينة في الضفة الغربية ضمن ”قانون” تسنه إسرائيل ويفرض القوانين والإدارة الإسرائيليين على المنطقة المنوي ضمها، عند حدوث ذلك لا يمكن الادّعاء، بعدُ، أنّ إسرائيل تدير منظومتين مختلفتين بين البحر والنهر، لن ويفرض يقال إنّ إسرائيل ترتكب جريمة الأبارتهايد في الضفة الغربية. سنضطر عندئذٍ للقول إنّ النظام الإسرائيلي بأكمله هو نظام فصل عنصري، وإنّ إسرائيل هي دولة فصل عنصري.
هذا أمر مُحزن ومُخجل. وحتى إن لم نكن جميعنا كإسرائيليين، متهمين بهذه الجريمة، فإنّ جميعنا مسؤولون. ويتوجب على كل منا الإصرار على منع ارتكاب الجريمة.