م.ع.ع. 69755-9-24 ييش دين وجمعية حقوق المواطن ضد وزير الأمن يوآف جالانت وآخرين
موعد تقديم الالتماس: 26/9/2024
وقّع قائد قوات الجيش في الضفة الغربية يوم التاسع والعشرين من أيار/ مايو على أمر يُعنى بإنشاء الإدارة المدنية (تعديل رقم 33) (يهودا والسامرة) (رقم 2195) – 2024. يُحدد الأمر الذي يأتي عمليًا كتعديل للأمر القائم المعني بإنشاء الإدارة المدنية، أنه يحق لرئيس الإدارة المدنيّة أن يُعيّن نائبًا للشؤون المدنية وتفويضة بأية صلاحية يحملها رئيس الإدارة، يشمل صلاحية وضع الأنظمة والأحكام. الأمر الجديد يعني نقل مئات الصلاحيات الإدارية من رئيس الإدارة المدنيّة إلى نائبه، في كافة مجالات إدارة الأراضي المُحتلة – بدءًا من إدارة الأراضي، مرورًا بالتخطيط والبناء يشمل التفتيش والرقابة والإنفاذ، السلطات المحلية، ترخيص المهن والتجارة والاقتصاد، وحتى جودة البيئة وإدارة المحميات الطبيعية، المواقع الأثرية ومواقع تاريخية وآثار. كما نصّ الأمر على أن يعمل معظم ضباط مقر الإدارة المدنية خاضعين للنائب المدني. في اليوم نفسه، عيّن رئيس الإدارة المدنية هيليل روط نائبًا لرئيس الإدارة المدنية للشؤون المدنية – دون إجراء مناقصة عامة – وفوّضه معظم صلاحياته.
هذا الأمر الذي تم توقيعه وتدشينه يأتي في إطار تنفيذ اتفاقية تقاسم السلطات المُوّقعة في شباط/ فبراير 2023، مع إنشاء الحكومة السابعة والثلاثين لإسرائيل، بين وزير الأمن يوآف جالانت وعضو الكنيست بتسلئيل سموطريتش، الذي تم تعيينه كوزير إضافي في وزارة الأمن مسؤول عن “الشؤون المدنية” في الضفة الغربية. على الرغم من أن الوزير الإضافي يخضع رسميًا لوزير الدفاع، إلا أنه في الممارسة العملية، وفقًا للاتفاقية، تلقى سموطريتش مجالات واسعة من التنظيم والإدارة تتعلق بالسلطات الحكومية في الضفة الغربية والحياة اليومية لجميع سكان الأراضي المحتلة؛ تُعطى هذه السلطات الحكومية بموجب القانون للقائد العسكري، وكانت بإدارة الإدارة المدنية حتى قبل فترة وجيزة. تكمن أهمية الفصل في وزارة الدفاع في إنشاء مكتب حكومي جديد داخل وزارة الأمن، يُعرف باسم “مُديرية الاستيطان”.
تُفصل مادة “نظام العمل بين مُديرية الاستيطان في وزارة الأمن والإدارة المدنية” كيفية تطبيق اتفاقية تقاسم الصلاحيات بين وزير الأمن والوزير في وزارة الأمن. يتبيّن من هذا النظام أن رئيس الإدارة المدنية لا يتخلص من صلاحياته بالكامل وينقلها إلى نائب مدني لا يخضع له فحسب، بل أن حتى إمكانية إلغاء تفويض الصلاحيات، أو نقض قرار النائب، أو تغييره أو التدخل فيه بأي شكل من الأشكال، لا تُعد بين يدي رئيس الإدارة المدنية. وهكذا، نتج عرض كاذب كما لو أن صلاحيات إدارة الأراضي المُحتلة قد أعيد ترسيخها داخل الإدارة المدنية، بينما تُرك رئيس الإدارة المدنية عمليًا من دون صلاحيات حقيقية فيما يتعلق بجزء كبير من نشاط المؤسسة التي يقف على رأسها، ولا صلاحيات تجاه قسم كبير من مرؤوسيه – موظفي وجنود الإدارة المدنية. حتى القائد العام، الذي يشغل مكانة بديل لصاحب السيادة على الأراضي المحتلة، فقد مكانته تمامًا في الإدارة المدنية للضفة الغربية.
تشمل الصلاحيات المنقولة إلى نائب رئيس الإدارة المجالات التالية: الأراضي، التخطيط والبناء، تنظيم البؤر الاستيطانية غير الشرعية، النقل والمواصلات العامة، البنى التحتية، المحميات الطبيعية، الآثار، جودة البيئة والاقتصاد. بما معناه، أن الحديث يدور عن صلاحيات تصبّ في صميم عمل الحوكمة اليومي وتعطي السيطرة الكاملة على إدارة المنطقة. تُظهر الصلاحيات المفوضة أن جميع موارد الإدارة المدنية اليوم مخصصة لتطوير وتوسيع المشروع الاستيطاني.
كما تُصادر بموجب الأمر الجديد صلاحيات الاستشارة القضائية لسُلطات الحُكم العسكري في الضفة الغربية من مكتب المدعي العام العسكري – وتحديدًا من وحدة المدعي العام العسكري في الضفة الغربية، التي تقدم استشارة لكافة الوحدات العسكرية – ونقلها إلى المستشار القضائي لجهاز الأمن. بعكس المُستشار القضائي للضفة الغربية، الذي يتمثل دوره بموجب القانون الدولي في السماح للقائد العسكري بالوفاء بواجباته مع الحفاظ على الأمن، النظام العام وسيادة القانون في الضفة الغربية بينما يتمثل دور المُستشار القضائي في وزارة الأمن، من بين أمور أخرى، بتطبيق سياسة الوزير. يخلق نقل الاستشارة القانونية حالة شاذة تقدم فيها الدولة الاستشارة القانونية المدنية لضُباط الجيش في أي عمل سلطوي أو حكومي في الأراضي المحتلة. يتم الآن تحديد دور المُستشار القضائي، من بين أمور أخرى، بطريقة تمكن من تطبيق سياسة كيان سياسي إزاء منطقة لا يسري فيها القانوني الإسرائيلي، ولا سيادة للكنيست عليها، ولا مكانة قانونية لسُكانها في إسرائيل.
تقدمت مؤسسة ييش دين وجمعية حقوق المواطن في إسرائيل يوم 26.9.24 بالتماس لمحكمة العدل العليا مطالبتين بإلغاء الأمر الجديد الذي جرى التوقيع عليه وكذلك كتاب التعيين وتفويض الصلاحيات لنائب رئيس الإدارة المدنية للشؤون المدنية. يعتبر الالتماس أن نقل الصلاحيات على النحو المحدد في تعديل الأمر بشأن إنشاء الإدارة المدنية يغير جذريًا هيكل السيطرة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية، لأنه يصادر صلاحيات إدارية وتشريعية من الجيش – وينقلها إلى منظومة مدنية أنشئت داخل وزارة الأمن خاضعة للوزير الإضافي في وزارة الأمن. هذه التغييرات هي انتهاك للقانون الدولي، وتشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان الفلسطيني وتعميقًا لجريمة الفصل العنصري. كما يُدعى في الالتماس أن نقل الصلاحيات إلى نائب رئيس الإدارة المدنية مرفوض بكونه يغرس اعتبارات ومصالح سياسية محظورة لأي قرار تتخذه الإدارة المدنية وأي عمل تقرر تنفيذه.
في يوليو 2025، قدّمت الدولة بلاغًا تكميليًا في إطار الالتماس. في البلاغ، أُفيد بأنه تقرر الاستجابة لطلب المحكمة وشطب عدد من البنود في “وثيقة التفاهمات وتوزيع المسؤوليات والصلاحيات بين وزير الأمن والوزير الإضافي في وزارة الأمن”، وكذلك في “إجراءات العمل بين مديرية الاستيطان في وزارة الأمن والإدارة المدنية”.
قامت الدولة بإجراء تغييرات تقلّص إلى حد ما من السلطة غير المحدودة التي مُنحت لسموتريتش ولنائبه المدني في رئاسة الإدارة المدنية. ومع ذلك، فإن هذه التغييرات لا تُلغي المسار الذي يقوده سموتريتش نحو ضمّ الضفة الغربية وتفكيك الإدارة المدنية، من خلال سحب الصلاحيات إليه وإلى وزارته، وهو وزير في حكومة إسرائيل التي ليست – ولا يمكن أن تكون – صاحبة السيادة في الأراضي المحتلة.
حالة الالتماس: إجراءات سارية.