تعرض ورقة المعطيات هذه نتائج معالجة جهاز تطبيق القانون العسكري لمخالفات ارتكبها جنود اسرائيليين ضد الفلسطينيين أو ممتلكاتهم للأعوام 2019 و 2020 في الضفة الغربية وقطاع غزة. تعتمد المعطيات في الورقة هذه على معلومات وصلت ييش دين من الجيش بعد تقديمها لطلبات للحصول على المعلومات.

يظهر من تحليل المعطيات أن جهاز فرض القانون العسكري قد أجرى فعلاً بعض التغييرات في الأعوام الأخيرة، لكن الهدف من هذه التغييرات هو بالأساس السماح للجهاز العسكري بالوصول الى أهداف يمكن قياسها والتي تخلق مظهر جهاز فرض قانون فعّال. يسمح هذا المظهر “الفعّال” لجهاز فرض القانون بعرض معطيات “محسَّنة” والرد على النقد الموجه له بينما يستمر بتوفير الحصانة الكاملة تقريباً للجنود في حالات قاموا بها بأيذاء الفلسطينيين.

في الأعوام 2019-2020 وصلت للنيابة العسكرية 273 شكوى كان شأنها مخالفات نفذها جنود ضد فلسطينيين، 77 منها عام 2019 و196 عام 2020. ترى ييش دين انخفاضاً في عدد الشكاوى التي بلّغ عنها الجيش مقارنة بأعوام سابقة. من بين هذه الشكاوى، تم فتح 56 ملف تحقيق جنائي، أي فقط خُمس من جميع الشكاوى التي تم تقديمها وتم التوصل بها لقرار بشأن تكملة المعالجة. تم إغلاق 72% (144) من الشكاوى التي تم التوصل بها لقرار، جزء منها بعد القيام ب”استيضاح حقائق” أمرت به النيابة العسكرية.

تدل معطيات 2019-2020 على هبوط مستمر في عدد التحقيقات الجنائية التي يتم فتحها كل عام ضد جنود يشتبه بأنهم قاموا بإيذاء فلسطينيين أو بتسبب الضرر لممتلكاتهم. عدد التحقيقات الجنائية التي تم فتحها بشبهة مخالفات نفذها جنود تجاه فلسطينيين هبط ب-26% مقارنة بالأعوام السابقة (2017-2018). حسب تقدير ييش دين، فإن هذا نتيجة لسياسة مقصودة لرفع سقف فتح التحقيقات الجنائية والتي تقود لعدد منخفض من التحقيقات الجنائية.

تكشف معطيات 2019-2020 أن هنالك احتمال ضئيل جداً بأن يرى فلسطيني شكوى قام بتقديمها ضد جندي سبب له الأذى تصل لمحاكمة الجندي: فقط 2% من جميع الشكاوى التي قدمها فلسطينيون بعد ان سبب لهم جنود الجيش الاسرائيلي الأذى في الأعوام 2019-2020 وصلت لمحاكمة المشتبه بهم. على خلفية ما يظهر كسياسة مقصودة لتقليل عدد التحقيقات التي يتم فتحها، ونسبة المحاكمة الضئيلة جداً في هذه التحقيقات القليلة التي يتم فتحها، يبقى عدد التحقيقات التي انتهت بمحاكمة المشتبه بهم منخفض جداً. فقط خمسة ملفات (7.2%) من جميع ملفات التحقيق التي تم فتحها في الأعوام 2019-2020 بشبهة تسبب الأذى للفلسطينيين وصلت لحد تقديم لائحة اتهام، ذلك حتى حزيران 2021.

يظهر من تحليل المعطيات أنه لم يحدث تغيير فعلي بالنسبة لتعامل الجهاز العسكري مع مخالفات ارتكبها الجنود ضد فلسطينيين. على عكس الرأي الشائع في اسرائيل، يمتنع جهاز فرض القانون عن التحقيق ومحاكمة الجنود الذين يسببون الأذى للفلسطينيين. هكذا يخون جهاز فرض القانون واجبه بتوفير الحماية للفلسطينيين من مخالفات يرتكبها ضباط وجنود اسرائيليون ضدهم. في الحالات النادرة التي يتم بها إدانة الجنود بعد أن سببوا الأذى للفلسطينيين، تكون أحكامهم طفيفة جداً، وأحياناً حتى سخيفة، مقارنة بالمخالفة التي تم تقديم الشكوى بشأنها.

للمحكمة الجنائية الدولية السلطة بالتحقيق بجرائم الحرب فقط عندما لا تقوم الدولة التي تمت بها الجرائم المزعومة بالتحقيق كما يجب بها، إن كانت عديمة الرغبة أو عديمة القدرة على التحقيق. فشل دولة اسرائيل بالقيام بواجبها الأساسي بتوفير الحماية للفلسطينيين وفرض القانون على جنودها الذين ارتكبوا المخالفات ضد الفلسطينيين هو ما يمهّد الطريق لتدخل أجهزة دولية وعلى رأسها إعلان المحكمة الجنائية الدولية (ICC) بالتحقيق بشبهات لجرائم حرب نُفِّذَت على يد دولة اسرائيل تحت السيطرة الاسرائيلية في الأراضي المحتلة.