شرعت شرطة التحقيقات العسكرية في عام 2014 بالتحقيق في 229 حادثا يُشتبه بضلوع جنود إسرائيليين خلالها في ارتكاب مخالفات جنائية بحقّ فلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. من أصل 229 تحقيقًا، أثمرت ثمانية (%3.5) فقط عن تقديم لوائح اتّهام حتى الآن. ويشكّل هذا تراجعًا مقارنة بعام 2013 الذي تمّ فيه التحقيق في 199 قضية جديدة، أثمرت تسعة منها (%4.5) عن تقديم لوائح اتّهام.  هذا ما تكشفه ورقة المعطيات التي نشرتها منظّمة “ييش دين” اعتمادًا على المعلومات التي ينقلها المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي سنويًّا نزولا عند طلب المنظّمة، وكذلك المعلومات التي تركّزها المنظّمة خلال متابعتها المتعددة السنوات للمعطيات.

تشير ورقة المعطيات إلى أنّ نسبة تقديم لوائح الاتّهام ضئيلة جدا، مما يدلّ على فشل عميق ومتواصل في استنفاذ التحقيقات لدرجة بلورتها إلى لوائح الاتّهام. يعني هذا الفشل منح حصانة شبه مطلقة للجنود الإسرائيليين إزاء تقديمهم للمحاكمة. ويتعزّز هذا الاستنتاج على ضوء أن الكثير من التحقيقات يُفتح فقط بعد إجراء فحص مسبق، وتكون هوية المشتبه بهم معروفة عادة للجيش ويسهل نسبيا العثور عليهم، كما أنّ الكثير من الفلسطينيين يمتنعون عن التبليغ عن كل حادث اعتداء بحقّهم في قضايا يرونها هامشية أو خفيفة الوطأة نسبيا.

ما تُظهر ورقة المعطيات أنّ معظم التحقيقات الجنائية كانت بخصوص الاشتباه بارتكاب جنود لمخالفات عنف أو إيقاع إصابات، إلا أن المعطيات تشير أن معظم لوائح الاتهّام التي تمّ تقديمها في 2014 كانت بخصوص مخالفات في قضايا تعدٍّ على ممتلكات وتقاضي رشوة. أما الحوادث الأخطر والتي أُصيب أو قُتل جرّاؤها مدنيون فلسطينيون، فلم تثمر تقريبا عن تقديم أية لوائح اتهام.

المعطيات التي تمّ جمعها، والتجربة المتواصلة التي تراكمت لدى منظّمة “ييش دين” في مرافقة ومتابعة الشكاوى التي يقدّمها فلسطينيون على أثر تعرّضهم لاعتداءات من قبل جنود إسرائيليين، تشير إلى عدم وجود تنسيق ورقابة من قبل الجهات المخوّلة بتطبيق القانون في الجيش الإسرائيلي (شرطة التحقيقات العسكرية والنيابة العسكرية) وعلى مماطلة غير معقولة في إجراءات تطبيق القانون.

انعدام التنسيق والرقابة من جانب النيابة العسكرية من جهة، والمماطلة غير المعقولة في إجراءات تطبيق القانون من جهة أخرى، يؤثّران بشكل حاسم على جودة أداء أجهزة تطبيق القانون على الجنود الإسرائيليين المشتبه باعتدائهم على فلسطينيين. هذه الأجهزة غير فعّالة وتفشل في ردع من تسوّل له نفسه ارتكاب مخالفات بحق مدنيين فلسطينيين، وبالتالي تفشل في حمايتهم.