قدّمت منظّمة “ييش دين” وجهة نظر قانونية للجنة طيركل، تفيد بأن تعليمات القانون الإنساني الدولي تسري بشكل مباشر على واجب التحقيق في شكاوى بشأن انتهاك قانون الحرب، وخاصة فيما يتعلّق بالعمليات التي تقوم بها قوات مقاتلة في منطقة محتلة. لجنة طيركل، اللجنة العامة للتحقيق في الحادث البحري الذي وقع في 31 أيار (مايو) 2010، تشكّلت في حزيران (يونيو) 2010، وتمّ توسيع صلاحياتها لفحص ما إذا كانت إسرائيل تقوم بواجباتها الخاصة بالفحص والتحقيق في شكاوى بشأن انتهاك القانون الدولي.
وقد دُعيت “ييش دين” للإدلاء بشهادتها أمام لجنة طيركل، بفضل تجربتها في مجال الإعانة القضائية ومتابعتها للتحقيقات في مخالفات يُشتَبَه في قيام أفراد من قوات الأمن بارتكابها بحقّ فلسطينيين وممتلكاتهم. منذ عام 2007 وحتى تاريخ مثولها أمام اللجنة، قدّمت “ييش دين” معونة قضائية لفلسطينيين وقعوا ضحايا لمخالفات، في حوالي 200 قضية حقّقت فيها شرطة التحقيقات العسكرية.
تأتي وجهة النظر التي صاغتها “ييش دين” ردًّا على ورقة الموقف التي قدّمتها النيابة العسكرية الرئيسية للجنة، والتي تتناول مدى التلاؤم بين منظومات الفحص التابعة للجيش الإسرائيلي وبين الواجبات الملقاة على إسرائيل بموجب القانون الدولي.
وتدّعي “ييش دين” في وجهة نظرها، بخلاف موقف النيابة العسكرية الرئيسية، أن قوانين حقوق الإنسان لا تنتفي بسبب وضع الحرب، ومن هنا فالمعايير بشأن واجب التحقيق الذي ينص عليه القانون الإنساني الدولي لا تعتبر توصية بل واجبًا قانونيًّا ملزِمًا. تدلّ تجربة “ييش دين” على أن منظومات التحقيق في دولة إسرائيل لا تفي بالمعايير المطلوبة وفق القانون الدولي، والتي تنصّ على أن التحقيق يجب أن يكون مجديًا ونزيهًا.
المستشار القضائي لمنظمة “ييش دين”، المحامي ميخائيل سفارد، قال أثناء مثوله أمام أعضاء اللجنة أنه “عندما يُقتل مدني فلسطيني، فإن الاحترام الذي نكنّه لحياته التي هُدرت هو الذي يُلزمنا بفتح تحقيق فوري. التحقيق ليس عقوبة، ولا يهدف للمسّ بالمقاتلين المتورّطين. بل إن التحقيقات العملياتية التي تبرئ المقاتلين هي التي تُبقي عليهم ظلاًّ ثقيلاً طيلة حياتهم”.
كما ادّعت وجهة النظر بأن على دولة إسرائيل تأسيس منظومة مستقلة عن الجيش يكون دورها إجراء الفحص والتحقيق في الادعاءات بشأن انتهاك القانون الدولي في الأعمال والسياسة التي تشارك فيها النيابة العسكرية: “علينا أن نجد القوة الذاتية التي تتيح لنا تأسيس منظومة خارجة عن الجيش، وذلك للتأكد من أن الجيش ومستشاريه يتصرّفون وفق قواعد القانون الدولي”.
كما تشير وجهة النظر بوضوح إلى أن منظومات التحقيق والفحص التابعة للجيش الإسرائيلي لا تفي بالمعايير الدولية المطلوبة المتعلّقة بواجب التحقيق في شكاوى بشأن انتهاك القانون الدولي. واستعرضت “ييش دين” في ورقة الموقف بعض المطالب التي تجاهلتها النيابة العامة أو أعطتها تفسيرا مغلوطا حسب رأي “ييش دين”. فيما يلي بعض المطالب الواردة في ورقة الموقف:
- إخراج التحقيق في القضايا المتعلّقة بالسياسة العسكرية والممارسات العسكرية من أيدي الشرطة العسكرية والنيابة العسكرية.
- ضمان إجراء تحقيق مهني، فعّال، سريع وعلني.
- الفصل بين التحقيق العملياتي وبين إجراء التحقيق الجنائي.
في شباط (فبراير) 2013 قدّمت لجنة طيركل تقريرها الذي أوصى بإدخال الكثير من التغييرات في كيفية اتّخاذ القرارات بشأن الشروع بالتحقيق الجنائي ضد جنود الجيش الإسرائيلي. كما تبنّت اللجنة موقف “ييش دين” حول ضرورة عدم اشتراط بدء التحقيق بنتائج الفحص العملياتي.
كما أوصت اللجنة بأن يتم إدراج “مسؤولية القيادة” في التشريعات، لتسري على القيادة السياسة والعسكرية العليا، بكل ما يتعلّق بالمخالفات التي اشتُبه مرؤوسوهم بارتكابها، في حال عدم اتّخاذهم تدابير معقولة لمنع وقوع المخالفات، أو في حال لم يحاكِموا الجناة بعد ارتكابهم المخالفات.
كما تبنّى تقرير طيركل موقف “ييش دين” حول ضرورة تحديد سقف زمني محدد وقصير لاتّخاذ قرار بشأن الشروع بالتحقيق.