استجابت منظّمة “ييش دين” لدعوة وزارة العدل وقدّمت تقريرًا بديلاً (تقرير ظل) للجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة. لم يهدف التقرير إلى تقديم تقييم شامل لمدى وفاء إسرائيل بالتزاماتها وفق الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، بل يركّز في موضوعين طُلب من إسرائيل تقديم تقرير بشأنهما: التحقيق في الاشتباه بالاستعمال المفرط للقوة من قبل قوات الأمن الاسرائيلية ضد الفلسطينيين، وتطبيق القانون على المدنيّين الاسرائيليين في الضفة الغربية.

يعمل في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة خبراء ذوو شهرة عالمية في مجال القانون وحقوق الانسان، وقد تمّ في عام 2012 تعيين البروفيسور يوفال شني، عميد كلية الحقوق في الجامعة العبرية، عضوا فيها. تقوم اللجنة بمتابعة تطبيق الدول الموقّعة على الميثاق المذكور للالتزامات الواردة فيه. وتقوم كلّ دولة من هذه الدول بتقديم تقرير مرحلي للجنة حول أوضاع حقوق الانسان فيها، كما تمثل أمام اللجنة وتردّ على الأسئلة المختلفة التي تطرحها اللجنة. تتعاون دولة إسرائيل بصورة تامة مع اللجنة، وتقوم بعثة من كبار الموظفين في الوزارات المختلفة بتمثيلها فيها خلال السنوات الأخيرة. كما تدعو وزارة العدل منظمات المجتمع المدني في إسرائيل الى تقديم تقارير بديلة في مجال عملها للجنة. في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2014 مثلت إسرائيل أمام لجنة حقوق الانسان في اجتماعها بجنيف، وردّت على قائمة من الموضوعات التي عرضتها اللجنة عليها.

مع اقتراب موعد مثول مندوبي وزارة العدل أمام اللجنة، قامت “ييش دين” بتقديم تقرير ظل موازٍ يلخّص أهمّ استنتاجات بحثها كما وردت في تقارير المنظّمة. تتابع “ييش دين” منذ سنوات منظومات التحقيق الإسرائيلية في المخالفات التي يرتكبها أفراد من قوات الأمن ومدنيون اسرائيليون بحقّ فلسطينيين، وتسعى لإرساء إجراءات تحقيق سريعة، مهنية وغير متحيزة.

تطرّق التقرير إلى ما تصادفه “ييش دين” من عدم استعداد السلطات الإسرائيلية لحماية الفلسطينيين مواطني الضفة الغربية وممتلكاتهم من اعتداءات على خلفية أيديولوجية ينفّذها مدنيون إسرائيليون بحقّهم. كما أشار التقرير للإخفاقات البنيوية في أسلوب معالجة السلطات للمخالفات. وتكشف المتابعة التي تقوم بها “ييش دين” عن فشل منظومات تطبيق القانون في الضفة الغربية الذريع في توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين في الوقت المناسب، من خلال إحباط الاعتداءات والمخالفات بحقّهم، وكذلك تفشل في التحقيق في المخالفات ومحاكمة الجناة.

يتناول التقرير الإخفاقات في عمل أجهزة سلطات الدولة ذات الصلة بالموضوع في حماية حقوق الفلسطينيين بالحياة، الحرية والأمن الشخصي في المنطقة الفلسطينية المحتلة. كما تطرّق للإخفاقات في وفاء إسرائيل بالتزاماتها الإيجابية الخاصة بتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين وضمان حقهم بالمعونة القضائية.

يحصي التقرير الإخفاقات في منظومات التحقيق في شرطة التحقيقات العسكرية ولواء شاي (يهودا والسامرة) في الشرطة، كما يقترح توصيات عملية لتحسين منظومات التحقيق في هذه الهيئات. فيما يلي بعض التوصيات المتعلّقة بقوات الأمن:

1.      إدخال إصلاح جذري في منظومة التحقيق في الجيش الإسرائيلي، وتحويلها إلى منظومة مستقلة وفعّالة قادرة على كشف الحقيقة. التطبيق الفوري لكل استنتاجات تقرير طيركل من شأنه إحداث تغيير إيجابي مهم.

2.      على شرطة التحقيقات العسكرية الشروع بالتحقيق الجنائي في كل شكوى بخصوص ارتكاب مخالفة، دون اشتراط التحقيق بانتهاء إجراء الفحص المسبق.

3.      العمل على تقصير المدة الطويلة التي تستغرقها معالجة القضايا من قبل جهات التحقيق والادّعاء.

4.      في الحالات التي يكون للشبهة علاقة بسياسة أو أوامر تبلورت أو صودق عليها من قبل النيابة العسكرية، أو ضباط بدرجة النائب العسكري الرئيسي فما فوق أو المستويات السياسية العليا، فيجب تخويل هيئة مستقلة لتطبيق القانون خارجة عن الجيش مهنية ومخوّلة بصلاحية التحقيق والادّعاء، للتحقيق في الأمر.

5.      على النيابة العسكرية تأهيل محقّقي شرطة التحقيقات العسكرية الذين يحقّقون في مخالفات ضد فلسطينيين، بالنسبة لقوانين الحرب والالتزامات المشتقة منها.

6.      ضرورة إدراج نظرية “مسؤولية القيادة” في القانون الإسرائيلي، لإتاحة محاكمة قادة ومسؤولين في حال ارتكب مرؤوسوهم مخالفات. كما يجب سن قوانين تجرّم مخالفات تشكّل جرائم حرب وإدراجها في كتاب قوانين دولة إسرائيل.

بين التوصيات المتعلّقة بتطبيق القانون على مدنيين إسرائيليين:

1.    تعريف حماية الفلسطينيين كهدف مركزي لجيش الدفاع الإسرائيلي.

2.    ضمان إجراء التحقيقات في لواء شاي في الشرطة بشكل مهني وفعّال.

3.    إدخال موضوع التأهيل للقانون الإنساني في منظومة التأهيل التابعة للجيش الإسرائيلي بكل مستوياته.

4.    استنفاذ إجراءات المحاكمة ضد الجنود الذين يقفون على الحياد.

5.    إخلاء البؤر الاستيطانية غير الشرعية والنضال بحزم ودون مساومة ضد البناء غير القانوني الذي ينفّذه إسرائيليون في الضفة الغربية.

تبنّى التقرير الذي نشرته اللجنة في تشرين أول (أكتوبر) 2014، بعض استنتاجات “ييش دين”. فقد حدّدت اللجنة ضمن استنتاجاتها أن على دولة إسرائيل تكثيف جهودها لضمان وجود منظومة تحقيق مهنية ومستقلة للتحقيق في الاعتداءات على فلسطينيين وممتلكاتهم. كما دعت اللجنة إلى تبنّي توصيات لجنة طيركل والتركيز على مسألة التحقيق مع القادة.