يوفّر تقرير منظّمة “ييش دين” بعنوان “محاكمات في الساحة الخلفية” نظرة نقدية للنظام القضائي العسكري في المناطق المحتلة، والذي يعتبر من ركنًا أساسيًّا من أركان السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية منذ نحو 40 عامًا. يحاكم النظام القضائي العسكري سنويًّا آلاف المواطنين الفلسطينيين، ولكنه يكاد يعمل في عتمة تامة. عدد الأبحاث والمنشورات التي فحصت أداء هذا الجهاز كان ضئيلا جدا، وتعتبر الرقابة عليه ركيكة للغاية. اعتمادًا على مئات المشاهدات التي أجراها متطوّعو المنظّمة، يستعرض تقرير “ييش دين” هذا، نتائج بحثه المتعلّقة بالإجراءات المتّخذة في قاعات المحاكم العسكرية للمدنيين.

يفحص التقرير إلى أي مدى يطبّق الجهاز حقوق الإجراء النزيه للمعتقلين والمتهمين الفلسطينيين الذين يتمّ إحضارهم أمام المحاكم العسكرية. كما يقدّر مدى احترام حقوق المتهم بمعرفة التهمة المنسوبة إليه، وتوكيل دفاع ناجع والاستفادة من “فرضية البراءة”. كما يفحص التقرير كيفية تطبيق مبدأ علنية النقاش في المحاكم العسكرية، كيفية محاكمة الأحداث في الجهاز وقضايا أخرى. كما فحص التقرير هل تلبّي التشريعات الأمنية السارية المفعول في المناطق المحتلة متطلّبات القانون الدولي فيما يتعلّق بحقوق الإجراء النزيه.

تكشف نتائج البحث التي يتضمّنها التقرير عن سلسلة من الأخطاء والإخفاقات الخطيرة في إحقاق حقوق الإجراء النزيه في المحاكم العسكرية. من بين هذه الأخطاء نذكر المواضيع التالية:

  • يظهر من المعطيات التي وصلت “ييش دين”، انه من أصل 9200 قضية انتهى البتّ فيها في المحاكم العسكرية في عام 2006، انتهت 23 قضية (0.29%) فقط بالبراءة التامة. يثير هذا المعطى علامة استفهام حول مدى تطبيق فرضية البراءة.
  • يتبين من المشاهدات التي أجرتها “ييش دين” ومن المعطيات التي وصلتها، أن معظم المتّهمين يُحتجزون في المعتقلات، ويتمّ تمديد اعتقالهم بعد محاكمات قصيرة تستغرق بالمعدّل ثلاث دقائق.
  • رغم أن مبدأ العلنية يسري أيضًا على المحاكم العسكرية، يُسمح لاثنين فقط من أفراد عائلة المعتقلين والمتّهمين بحضور الجلسة، علمًا أنه في بعض الحالات تُعقد الجلسات داخل الأراضي الإسرائيلية، مما يعيق إمكانية أفراد العائلة الوصول للجلسات.
  • يتسلّم المتّهمون لوائح الاتهام باللغة العبرية فقط، وهي لغة لا يفهمها معظم المعتقلين.
  • بعض المتهمين والمعتقلين لا يحظون بتمثيل قضائي إطلاقا.

بناءً على هذه النتائج تعرض منظمة “ييش دين” توصياتها بإجراء تعديلات في التشريعات القانونية وفي السياسة، ومن ضمنها:

  • إغلاق فروع المحاكم العسكرية للمدنيين داخل دولة إسرائيل.
  • إزالة كافة القيود على حضور أفراد عائلة المتهمين والمعتقلين.
  • ترجمة لوائح الاتهام للعربية.
  • ترجمة قرارات الحكم للعربية والانجليزية.