يستعرض تقرير “ييش دين” بعنوان “سياسة داعمة: أداء الدولة في قضايا البناء غير القانوني في الضفة الغربية” أداء الدولة في 16 التماسًا مختلفًا قدّمها مواطنون فلسطينيون، بمساعدة “ييش دين”، لمحكمة العدل العليا. ينتقد التقرير بشدة أداء الدولة الخطير وخاصة بما يتعلق بامتناعها المنهجي عن تطبيق القانون على البناء غير القانوني الذي ينفّذه مستوطنون في الضفة الغربية، وبذلك تساهم عمليا فيه.
انعدام الإجراءات الناجعة لتطبيق القانون بشأن المخالفات التي يرتكبها مدنيون إسرائيليون في مجال البناء، هو واحد من التعبيرات الواضحة على ضعف سيادة القانون في الضفة الغربية. يشير النظر في أداء الدولة في الالتماسات المذكورة إلى أن سلطات تطبيق القانون في إسرائيل تغضّ الطرف ولا تنفّذ أوامر الهدم؛ فقد تمّ انتهاك خمسة من أصل 11 أمرا مؤقتا لوقف البناء؛ كما أن البناء غير القانوني مستمر بينما تماطل الدولة في تقديم ردودها لمحكمة العدل العليا؛ ويكشف التقرير كيف تشجّع الدولة عمليا انتهاك القانون، بواسطة شرعنة البناء غير القانوني بأثر رجعي.
تدل التجربة التي تراكمت في الالتماسات التي ساعدت “ييش دين” في تقديمها، على أنّه رغم تصريحات الدولة المتكرّرة أمام المحكمة بشأن نيتها تنفيذ أوامر الهدم التي صدرت بحق المباني التي بُنيت بشكل غير قانوني في المستوطنات والبؤر الاستيطانية – حسب سلّم الأولويات الذي قدّمته الدولة – فإن الدولة تمتنع عمليا عن تطبيق الأوامر وإخلاء المباني، حتى عندما تكون هذه في رأس سلّم الأولويات الذي أعلنت عنه بنفسها. كما تمتنع الدولة بشكل منهجي عن محاكمة المتورطين بأعمال البناء غير القانوني.
وقد أعرب قضاة محكمة العدل العليا عن استيائهم من أداء الدولة. فقد نوّهت رئيسة المحكمة السابقة، دوريت بينيش، في جلسة من عام 2010 بشأن البناء غير القانوني في حي هؤلبانا الذي أُقيم جزء منه على أراضي القرية الفلسطينية دورا القرع (ملف محكمة العدل العليا 9060/08 عبد الله وآخرون ضد وزير الأمن وآخرين)، إلى “أننا ننظر في الكثير من هذه القضايا، ورغم كل التصريحات حول سلم أولويات تطبيق القانون، فإننا لم نر في أية قضية تطبيقا للأوامر. ليست هناك أفضلية لأن لا شيء يُنفَّذ”.
الدمج بين انعدام التطبيق الفعّال الذي يهدف أيضا إلى الردع، وبين شرعنة البناء غير القانوني بأثر رجعي والتي تغذّي الدوافع الأيديولوجية خلف هذه الأعمال، يخلق وضعًا نتوقّع أن يؤدي إلى زيادة التوغل في الأراضي الزراعية وانتشار ظاهرة البناء غير القانوني. علاوة على الانتهاك الجسيم لسيادة القانون، يتيح سلوك الدولة هذا استمرار انتهاك حق التملك المكفول للفلسطينيين، ويساعد من خلال القصور في أداء واجبها، على نهب أراضيهم.
تصل الجوانب المختلفة لانعدام تطبيق القانون بشأن البناء غير القانوني في الضفة الغربية إلى درجة خرق الدولة لالتزامها بحماية ممتلكات المدنيين الفلسطينيين، بموجب القانون الدولي وقرارات محكمة العدل العليا.