في يوم الجمعة الموافق 28.6.2016، وبجوار برج حراسة عسكري بقرب شارع 60، أطلق جندي النار على إياد زكريا  محمد حامد وأرداه قتيلًا. وفقًا لشهادة معارفه، كان حامد، وهو شاب في ربيعه الـ 36 من بلدة سلواد وأب لطفلين، شخصًا محدود الحركة، وقد عمل في مجال البناء.  وفقًا  للتحقيق الاستقصائي لمركز بتسيلم، أراد حامد يوم حدوث الواقعة الوصول إلى مسجد البلدة القريبة يبرود (الواقعة على الجهة الثانية من الشارع 60). وفقًا لشهادة شخص تواجد بقرب المكان، اقترب حامد من برج الحراسة، سارَ في المكان قليلًا وقد بدت عليه الحيرة، ويبدو أنه أراد اجتياز السياج السلكي المجاور الذي يسد الممر إلى يبرود.

في أعقاب الواقعة، فُتح تحقيق فوري في شرطة التحقيق العسكرية (للمزيد حول سياسة التحقيقات العسكرية في حالات القتل راجعوا: ورقة المعطيات، تشرين الثاني 2019، الفصل د). انتهى التحقيق بعد ثلاثة أشهر، ولكن معالجة الملف تأخرت لأكثر من سنة، إلى أن قررت النيابة العسكرية في 20.2.2018 إغلاق ملف التحقيق بدون مقاضاة الجندي الذي أطلق النار.  انقضت فترة ثمانية أشهر حتى لبّى الجيش طلب منظمة ييش دين، التي تمثّل عائلة حامد، بتصوير مواد التحقيق. في 24.3.2019، قدّمت منظمة ييش دين استئنافًا للنائب العام العسكري على قرار إغلاق ملف التحقيق، وطالبت بمقاضاة الجندي أعلاه بتهمة القتل الناتج عن الإهمال.

يتّضح من مواد التحقيق أنّ قائد برج الحراسة، رقيب أول م’ وجندي آخر كانا في طريقهما إلى برج الحراسة بعد إجراء جولة في المنطقة عندما رأيا رجلًا يركض نحو البرج، حيث تواجد جندي آخر. صرخا عليه بالعربية والعبرية ليتوقف، وعندما لم يستجب، أطلق رقيب أول م’ خمس طلقات في الهواء. استدار حامد عند سماع صوت العيارات النارية وأخذ يركض نحو سلواد، أطلق رقيب أول م’ عيارًا ناريًا آخر نحو رجليه بينما استمر حامد في الركض والابتعاد عن الجنود وعن البرج. في هذه المرحلة، أطلق رقيب أول م’ عيارًا نارًا آخر نحوه على بعد 25 مترًا، وأرداه قتيلًا. ادّعى رقيب أول م’ أنّه أطلق العيار الناري نحو رجليّ حامد، ولكن بما أنّه كان يركض نحو مرتفعٍ “فإنّ القدرة على التصويب تقلّ” (الشهادات مأخوذة من الاستئناف الذي قدمته منظمة ييش دين على إغلاق الملف).

أصيب حامد بالعيار الناري في ظهره. لم يستجب حامد لطلب الجنود بالتوقف، ولكنه لم يشكّل أي خطر عليهم بابتعاده عن المكان. لذلك، فإنّ إطلاق النار نحوه تم خلافًا لأوامر إطلاق النار التي تنص على “حظر إطلاق النار على شخص يرفض الاستجابة ويهرب من المكان، إلى إذا اشتبه بارتكابه جريمة خطرة”، “ويحظر أيضًا إطلاق النار نحو الرجلين إذا استحال التصويت (كما حدث في هذه الواقعة). بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الأمر الذي ينص على أنّ إجراء توقيف مشتبه به يجب أن ينتهي بإطلاق النار في الهواء، بدون إطلاق النار نحو الرجلين، باستثناء الحالات التي يتعرّض فيها الجنود لخطر واضح وفوري، أو إذا تواجد في المكان مواطنون معرّضون للخطر، كان ساريًا في حينه.

في شهادته لشرطة التحقيقات العسكرية، ادّعى رقيب أول م’ أنّه اشتبه بحامد حين أطلق النار عليه “كنت متأكدًا ]…] أنّه اعتدى (القصد أّنه اعتدى على الجندي في برج الحراسة) أو حاول (الاعتداء) لأنّه ركض نحو برج الحراسة، فقد تمهلت كثيرًا في  إجراء التوقيف، ولكنه لم يتوقف”. أيّ أنّ م’ أطلق النار على شخص بناءً على فرضيات قائمة على استمرار الشخص بالركض وعدم الامتثال لأوامره، وليس بناءً على شبهات قائمة على حقائق. لم يكن حامد يحمل سلاحًا ناريًا ولم يسمع م’ نداء استغاثة من برج الحراسة.

اعترف قادة الجندي بأنّ إطلاق النار كان خطئًا، وأقر البعض منهم بأنّ رقيب أول م خالف أوامر إطلاق النار، التي كانت سارية في حينه. مع ذلك، اختار القادة تفهّم سلوك الجندي ودعمه، على حساب حياة شخص آخر.

أقرّ قائد اللواء، المقدّم ي’، بأنّ إطلاق النار كان “مخالفًا” لأوامر إطلاق النار، وقد أمكنه التصرف بطريقة مختلفة. وقد أفاد بأنّ رقيب أول م’ “تصرّف ضمن المعقول” وبأنه “بالرغم من الأخطاء التي تطرقتُ إليها، فإنّني أقدّم له كل الدعم”. اعترف المقدّم ش’ بأنّه وفقًا لأوامر إطلاق النار، “لم يتوجب على م’ إطلاق النار” ولكنه أضاف أنّه “نظرًا للطبيعة المعقدة للواقعة، يمكنني بالطبع تفهّم تصرفه”.

دافعت منظومة إنفاذ القانون العسكرية عن م’ وعن سلوكه ف تلك الواقعة. في 21.7.2019، أعلنت النيابة العامة العسكرية الرئيسية لمنظّمة ييش دين عن قرارها برفض الاستئناف وعدم مقاضاة الجندي الذي أطلق النار حتى بتهمة أخف من تلك الواردة في الاستئناف.  جاء في بلاغ رفض الاستئناف أنّ إطلاق النار كانت مبررًا لأنّ الاشتباه بارتكاب حامد لجريمة خطرة كان منطقيًا، وذلك لعدة أسباب، من بينها تواجد حامد في مكان لا يتواجد فيه الفلسطينون إطلاقًا، اجتيازه للسياج السلكي وللحاجز وركضه نحو برج الحراسة، رفضه التوقّف رغم التحذير، اقترابه من البرج، وحقيقة تلقي الجنود إنذار مسبق حول احتمال “اختراق البرج من قبل مخرّبين من القرية”.

القرار بعدم مقاضاة م’ والدعم الذي حظي به من مرؤوسيه بعد الواقعة يسلطان الضوء على السياسات العسكرية بخصوص قتل الفلسطينيين في الضفة الغربية. في ظل هذه السياسات، فإنّ احتمال التحقيق مع الجندي الذي يقتل فلسطيني بعيار ناري هو ضئيل، واحتمال مقاضاة هذا الجندي يدنو من الصفر (للمعطيات حول معالجة إنفاذ القانون حوادث مقتل الفلسطينيين، راجعوا أيضًا ورقة المعطيات، تموز، 2013). وفقًا لآلية عمل منظومة إنفاذ القانون العسكرية، يبدو أنّ جميع حوادث إطلاق النار ضد فلسطينيين ستعتبر “ضمن المعقول” طالما برر الجندي فعلته باحتمالية وجود خط، حسب رأيه الشخصي. بما أنّ الجنود في الضفة الغربية متواجدون باستمرار بين السكان الفلسطينيين، فإنّ هذه السياسة تعني تعريض النساء والرجال والأطفال لخطر الإصابة أو الموت، والذي يزداد أكثر فأكثر إذا تصرّفوا بطريقة تثير الشبهات.