يتناول تقرير “تحقيق في الظاهر” الذي أعدّته “ييش دين” موضوع الإخفاقات المنهجية التي تؤدي إلى فشل شرطة التحقيقات العسكرية في التحقيق مع جنود إسرائيليين يُشتبه في ارتكابهم مخالفات بحق فلسطينيين أو ممتلكاتهم. حسب معطيات “ييش دين” التي تستند إلى متابعة مستمرة منذ ست سنوات ل192 شكوى وتحليل 67 قضية حقّقت فيها شرطة التحقيقات العسكرية، فإن 96.5% من الشكاوى التي يقدّمها فلسطينيون ضد جنود، تُغلق دون تقديم لائحة اتهام.

تتطرّق الشكاوى التي يحلّلها التقرير إلى طيف واسع من الاعتداءات على فلسطينيين وممتلكاته، ابتداءً بالقتل والإصابة بجروح، مرورًا بأعمال عنف ضد معتقلين ومارة، وانتهاءً بأعمال نهب وأشكال أخرى من التعدّي على الممتلكات. بين العوامل الأساسية التي تؤدي لفشل شرطة التحقيقات العسكرية في عملها، ذكر التقرير أولاً، عدم وجود مراكز لشرطة التحقيقات العسكرية في الضفة الغربية، الأمر الذي يصعّب على الفلسطينيين تقديم شكاوى ضد جنود، ويضطرهم للاستعانة بمنظّمات حقوق الإنسان بسبب حرمانهم عمليا من إمكانية تقديم شكواهم بشكل مباشر؛ ثانيا، قيام ضحايا الاعتداءات بسحب شكاواهم خشية تعرّضهم لأذى من قبل الجنود الذين تشكوا عليهم أو خوفا من فقدان التصاريح الممنوحة لهم؛ وثالثا، التحقيق العملياتي المسبق الذي يشكّل عقبة أمام إجراء التحقيق الجنائي.

انعدام مراكز لشرطة التحقيقات العسكرية في الضفة الغربية يضطر الفلسطيني الذي وقع ضحية لمخالفة ويرغب بتقديم شكوى، إلى التنسيق لدخول إسرائيل، ويلجأ في الغالب لوساطة إحدى منظمات حقوق الإنسان؛ استنتج التقرير أن 9% فقط من الشكاوى لشرطة التحقيقات العسكرية، قُدّمت بشكل مباشر من قبل ضحايا المخالفات أنفسهم. وقوع أخطاء خلال هذا الإجراء أو لدى محاولة الوصول لمركز الشرطة، يسبّب في أحيان كثيرة اليأس لضحية المخالفة ويثنيه عن تقديم شكواه. أما الشكاوى التي تُقدَّم لشرطة التحقيقات العسكرية في مكاتب التنسيق والارتباط، فتضيع أحيانا؛ وقد اعترف ضابط في شرطة التحقيقات العسكرية في القدس ل”ييش دين” بالقول إن هذه “مشكلة معروفة”.

علاوة على ما شرحه التقرير بإسهاب بالنسبة لكون التحقيق العملياتي المسبق عقبة تشوّش إجراءات التحقيق، توصّل التقرير إلى وجود قصور في العمل الروتيني لشرطة التحقيقات العسكرية. فمثلا، تمتنع الشرطة عن استدعاء شهود مركزيين على الحوادث، ولا تستخدم جهاز كشف الكذب، ولا تجري مواجهات بين الضحية والمشتبه به، كما لا تلجأ إلى استدعاء طوابير التشخيص الجنائي. كما تصعّب مشاكل الترجمة على إجراء التحقيق. وتطرّق التقرير أيضا إلى قضية تم الخوض فيها بإسهاب في تقرير “ثغرة”، ألا وهي رفض شرطة التحقيقات العسكرية لفحص مسؤولية القادة عن مخالفات ارتكبها مرؤوسوهم.