محكمة العدل العليا 2164/09 – “ييش دين – منظمة متطوعين لحقوق الإنسان” ضد قائد قوات الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية

في عام 2009 قدّمت “ييش دين” التماسًا غير مسبوق لمحكمة العدل العليا، طلبًا لوقف أعمال الحفر واستخراج المعادن التي تنفّذها كسارات إسرائيلية بالضفة الغربية. واعتمد الالتماس على الادعاء بأن استخراج الثروات الطبيعية في الضفة الغربية لغرض استخدامها من قبل إسرائيل، هو عمل غير قانوني. وقد استند الالتماس إلى بحث أجراه تحالف النساء للسلام ونُشر في موقع “مشروع بحثي: من يربح من الاحتلال“.

أثناء النظر في الالتماس قدّمت “ييش دين” مستندا تابعًا لوزارة الداخلية يشير إلى أن 75% من منتجات أعمال الحفر الإسرائيلية في الضفة الغربية قد نُقلت إلى داخل إسرائيل، لاستخدامها في صناعة البناء الإسرائيلية. ونص الالتماس على: “إن موضوع هذا الالتماس هو ممارسة الاستغلال الاقتصادي العنيف وغير القانوني للأرض المحتلة لأهداف الحاجات الاقتصادية للدولة المحتلة فحسب، على أساس الانتهاك الفادح والمباشر للمبادئ الأساسية للقانون الدولي… إننا نرتكب جريمة في أراضي الضفة الغربية عندما نخرج طبقات الحجارة والحصي من بطن الأرض وننقلها بالشاحنات إلى الحدود السيادية لدولة إسرائيل ولحاجات الاقتصاد الإسرائيلي. يعتبر القانون الدولي عملا من هذا القبيل انتهاكا لقوانين الاحتلال ولقوانين حقوق الإنسان بل يعرَّف أحيانا كعملية نهب”.

وذكر الالتماس قرار المحكمة الدولية في قضية الصناعيين الألمان (محاكم كروب، The Krupp Trials) في أعقاب الحرب العالمية الثانية، والذي قضى بأن استخدام الثروات الطبيعية للمنطقة المحتلة في ما عدا الحاجات الأمنية وليس لحاجات المجتمع المحتل، يشكّل جريمة ضد الإنسانية.

نتيجة الالتماس، أعلنت الدولة في أيار (مايو) 2009 عن تجميد كل إجراءات تخصيص الأراضي لأهداف الحفر في الضفة الغربية، وعن عدم السماح بتوسيع الكسارات الحالية. وأعلنت النيابة العامة عن بدء أعمال الطاقم لفحص قانونية أعمال الحفر من قبل الشركات الإسرائيلية. في أيار 2010 نشرت الدولة وثيقة شاملة حول سياستها بشأن الكسارات في الضفة الغربية، وادّعت فيها أن المسألة هي سياسية، كما تمّت مناقشتها في الاتفاقات المرحلية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، لذا فلا مجال لتدخّل المحكمة في الموضوع. واعترفت الدولة بأن الأغلبية الساحقة من منتجات الكسارات تستخدمها إسرائيل، ولكنها ادعت أن الحديث يدور عن جزء صغير جدا من مواد الكسارات الموجودة بالضفة الغربية. مع هذا، التزمت الدولة بعدم إنشاء كسارات إسرائيلية جديدة وراء الخط الأخضر.

في كانون أول (ديسمبر) 2011 رفضت محكمة العدل العليا الالتماس الذي قدّمته “ييش دين”. في قرار الحكم كتبت رئيسة المحكمة العليا حينذاك، القاضية دوريت بينيش، أن حفر الكسارات لا يتعارض مع القانون الدولي. كما جاء في القرار أن التوقف عن الحفر يمكن أن يمسّ بشدة بأصحاب الكسارات، بالمجتمع المحلي وبالاقتصاد الفلسطيني.

في كانون ثان (يناير) 2012 قدّمت “ييش دين” طلبًا لعقد جلسة مجدّدة في الموضوع بهيئة موسّعة (ملف رقم 316/12) على ضوء الانعكاسات بعيدة المدى لقرار الحكم على الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية. وجاء في الطلب: “يخلق قرار المحكمة ثورة حقيقية في قانون الاحتلال الحربي، وذلك بتحديده أن لدولة إسرائيل كدولة محتلة طال احتلالها، الصلاحية لإعطاء امتياز باستخراج ثروات طبيعية، بما في ذلك في كسارات لم تكن قائمة قبل الاحتلال، لإسرائيليين ولشركات إسرائيلية – وذلك فقط من خلال تقييد ذلك بالاستخدام المعقول للثروة الطبيعية”.

في وجهة نظر استثنائية قدّمها خبراء في القانون الدولي، حدّد الخبراء (البروفيسور ايال بنبنشتي، البروفيسورة أورنا بن نفتالي، البروفيستور يوفال شاني، الدكتور جاي هرباز، الدكتور عميحاي كوهن والدكتورة ياعيل رونين) أن قرار الحكم يتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي. وذكر الخبراء أيضا أن “الاحتلال كما هو معروف مؤقت، وعلى المحتل أن يحافظ بأمانة على الوضع السابق للاحتلال في المنطقة التي وُضعت تحت سيطرته مع تكوّن وضع الاحتلال (إلا إذا كان الانحراف عن الوضع القائم ضروريا). إذا عمل القائد المؤقت على تعزيز العلاقة بين القوة المحتلة والجانب الخاضع للاحتلال، كما يشير قرار الحكم، فإن من شأن هذا أن يؤدي لانهيار أعمدة قوانين الاحتلال (كونه مؤقتا، الأمانة، والوضع السابق للاحتلال) مع كل المعاني المترتبة على ذلك”.

في تموز (يوليو) 2012 رفض القاضي اليعيزر ريبلين الطلب، وكتب في قراره: “تثير وجهة النظر الحكيمة قضايا هامة وتحللها بمهارة وعن عِلم فائقَين. ولكن، كما ذُكر أعلاه، في الظروف الملموسة الخاصة بالحالة التي أمامنا، وبما أن قرار الحكم لم يحدّد قاعدة تبرّر إعادة النظر في الموضوع، فلا حاجة لنا أصلا لمناقشة هذه القضايا في هذه المرحلة”.

وضع الالتماس: رُفض الالتماس.